كيف تبني شخصيتك؟

نشر في 29-04-2017
آخر تحديث 29-04-2017 | 00:00
No Image Caption
«الشخصية ماسة تخدش الأحجار الأخرى كافة»، قال الكاتب الأميركي سايروس أ. بارتول. الرغبة في اكتساب شخصية صالحة ليست جهداً جديراً بالثناء فحسب، بل إنه عمل يستحق العناء كونه يعطي منافع مدهشة. لكن من المؤسف ألا يقدّر كثيرون قيمة الجهود الرامية إلى بناء الشخصية.
لا شيء أفضل من الشخصية الصالحة لإعطاء انطباع راسخ. أمام شخصٍ يتمتع بشخصية مميزة، لا يمكن ألا يلاحظ الآخرون ما يشاهدونه أو يتأثروا به.

يسهل أن نفهم ما كان بارتول يعنيه حين شبّه الشخصية بالألماس. صحيح أن الأخير يخدش الأسطح الصلبة الأخرى حرفياً وقد يبدو إدراج الشخصية في هذه الخانة غريباً للوهلة الأولى لكنه ليس كذلك. يمكن أن يعطي أي شخص يتمتع بشخصية صالحة (أو سيئة!) انطباعاً دائماً، مثلما يدوم الخدش الذي يسببه الألماس!

فكّر قبل أن تتصرّف

تذكّر أهمية أن تفكّر قبل أن تتصرّف! يبقى هذا السلوك أفضل من إصدار أحكام متهورة أو متسرّعة أو التصرّف بطريقة لا تعكس النوايا الحقيقية. حين تسمح بمرور الوقت اللازم كي تتطور الحوادث بالشكل المناسب، فتتراجع قليلاً وتُقيّم الخيارات المتاحة أمامك قبل التصرّف، سيزداد احتمال تحسّن شخصيتك.

قد يظن بعض الناس أن الحياة اليومية أصبحت كثيرة المشاغل ولا تسمح بالتركيز على تطوير الشخصية لكنها رؤية قصيرة النظر. يخطئ من يكتفي بإثارة إعجاب الآخرين عبر أفعاله من دون أن يهتمّ ببناء شخصيته. يشبه هذا المنطق مفهوم العقلنة، وكأننا نقول إننا لسنا مضطرين إلى تحمّل مسؤولية أفعالنا لأننا سنجد ما يحول دون تحقيق النتائج التي نريدها. لكنها مجرّد أعذار ولا يقدّم أصحاب الشخصية الصالحة أي أعذار بل يتخذون خطوات مدروسة بعد التفكير بما سيفعلونه.

لكن لن تفيدنا الخيارات التي نقوم بها فوراً. يساعد عمل معيّن الآخرين أحياناً، مع أنه يفيد في لفت انتباه المستفيد من سلوكنا على الأقل. إلا أن الموضوع لا يقف عند هذا الحدّ. قد يمرّ وقت طويل قبل أن تعطي الأعمال الخيرية نتائجها (إذا أعطت أي نتائج أصلاً)، لكن تنعكس الجهود المبذولة إيجاباً على شخصيتنا.

يمكنك أن تعتبر الشخصية كنزاً من الألماس. ربما تكون مُخزّنة داخلياً لكنها تتلألأ وتُشِعّ جمالاً. سيكون الضوء الساطع واضحاً أيضاً بالنسبة إلى الآخرين ويتمثّل بالأعمال الصالحة التي نقوم بها.

ابْنِ شخصيتك على دفعات

لا تعني الشخصية الصالحة أن تكون معصوماً عن الخطأ. يمكن أن يعمل كل فرد على هذا الجانب من شخصيته ويُحسّن نفسه تدريجاً. يكمن السر في التركيز على كل يوم واتخاذ مبادرات صغيرة ومتلاحقة.

فيما ينشغل الناس بأعمالهم، لا تلتزِمْ بنشاطات مفرطة في حياتك اليومية بل خصّص بعض الوقت والمساحة للتفكير والتسلية. فكّر بمبادرات صغيرة يمكن أن تُسعِد شخصاً آخر. قد تقتصر المبادرة على ابتسامة، أو دعوة صديق إلى شرب القهوة، أو تقديم المساعدة إلى زميل لإتمام مشروع مهني، أو تخصيص نصف ساعة للعب مع الأولاد بعد العمل.

هكذا تتراكم المبادرات الصغيرة وتعطي ثمارها. يمكنك أن تبني شخصيتك بسهولة مع مرور الوقت وستدرك منافع هذه المقاربة عبر كسب إعجاب الآخرين واحترامهم.

كن صبوراً

ربما تبدو محاولة بناء الشخصية معركة خاسرة في نظر كل من واجه المشاكل بسبب قراراته السيئة، لا سيما الأشخاص الذين بذلوا جهوداً شاقة لتجاوز مشاكل الإدمان. في هذه الحالة تختلف أولويات الشخص، أبرزها تجاوز مشكلة الإدمان وإطلاق مسار التعافي.

لكن رغم الخيارات السيئة في الماضي، يمكن أن يتعلم أي شخص كيفية ترميم شخصيته أو بنائها من الصفر. تتطلب هذه العملية بعض الوقت والجهد والقدرة على المثابرة رغم الانتكاسات. في خضمّ هذه العملية، لا بد من التحلي بالصبر والتطلّع إلى الهدف النهائي.

سعياً وراء حياة لها معنىً وقيمة، يجب أن يتزامن العمل على بناء الشخصية مع أفعال صالحة وجديرة بالثناء. ستكون النتائج تراكمية ومُنشِّطة وصحية حتماً!

back to top