مدرسة الحياة
الحياة مدرسة كثيرة المعارف متنوعة المواقف، والناس فيها كطلاب المدارس، منهم المقتصد، ومنهم الظالم لنفسه، ومنهم السابق بالخيرات، وهم مع هذا التفاوت في التحصيل على طبقات مختلفة ومشارب متنوعة وأهداف مختلفة "قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ"، والحياة أيامها صفحات كتاب تتنقل بنا من موضوع إلى آخر، ومن حال إلى حال "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ"، وقد يمر بنا درس عسير وموضوع غير يسير نشعر بمرارته، ولكن بعد أن تشرق شمس الأمل ويمنّ الله تعالى علينا بالفرج سنخرج بعدها بخبرات عالية، ونتائج باهرة ننقلها للأجيال من بعدنا، والعاقل يتعظ بالمواقف ويعتبر بالحوادث. وفي مدرسة الحياة المتنوعة الدروس احرص على مصاحبة أهل الهمم العالية، "فالمرء على دين خليله"، و"الطيور على أشكالها تقع"، ومن قواعد الفقه "ما قارب الشيء يعطى حكمه"، فصاحب الأكياس تكن كيّسا، وصاحب الحمقى تكن أحمق؛ لأن الطباع سراقة، وهذا معلوم لأهل الخبرة، قال الإمام مالك بن أنس "الناس أشكال كأجناس الطير: الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط، والصعو مع الصعو، وكل إنسان مع شكله". هذا الوصف في غاية الروعة يصف أحوال الناس وتأثر بعضهم ببعض، فعليك بمصاحبة الصقور لتحلق في سماء المجد، وترتقي روابي النجاح، وتتسنم شواهق المجد، والناس هم الناس في جميع الأعصار، لا يتغير إلا النهضة والعمران وملامح الحياة من تمدن وتحضر، فلا تغتر بمن ينمق لك العبارات، ويرصف لك الكلمات، ويطرز لك الحكايات، وينادي بأعلى صوته: أنا مثقف وأنا متعلم وأنا متقدم، حتى تضعه في ميزان الفضائل فإن رجحت كفة الخير فهو فاضل، وإن رجحت كفة الشر فاغسل يديك منه، ودعه يتغنى بدعواه، وتابع المسير. ومن لم تعلمه الأيام وتؤدبه الأعوام فسيعض أصابع الندم: إذا فشلت في تجارة فتحول لغيرها، وإذا تضايقت في عملك فانتقل لغيره، وإذا تضايقت في مجلس فلا تكرر زيارته، وإذا أحبطك أحدهم فاهجره ولا تتأسف عليه.
*همسة: تفاءل وحافظ على مزاجك لتبدع في حياتك، أسعد نفسك ومن حولك وابتسم مهما كانت الظروف والله يرعاك.