دان البابا فرنسيس الجمعة "الشعبويات الغوغائية" و"العنف باسم الدين" في اليوم الاول من زيارته لمصر حيث يحمل رسالة "وحدة واخوة"، وتضامن مع الاقباط، أكبر طائفة مسيحية في الشرق الاوسط بعد تعرضها لاعتداءات تبناها تنظيم الدولة الاسلامية.

Ad

واكد الحبر الاعظم الارجنتيني لصحافيين رافقوه في طائرته التي هبطت قرابة الساعة 12،00 ت غ في مطار القاهرة، ان زيارته الى مصر هي "رحلة وحدة واخوة".

وقال "هناك انتظارات خاصة (من هذه الزيارة)، لان الدعوة جاءت من الرئيس المصري ومن بطريرك الاقباط الكاثوليك ومن إمام الازهر الاكبر، إنها رحلة وحدة واخوة".

وبعد استقبال رسمي اقامه له الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي، قام البابا فرنسيس بزيارة للازهر حيث التقى الامام الاكبر احمد الطيب.

كما القى كلمة أمام المؤتمر الدولي للسلام الذي تنظمه المشيخة اكد فيها انه "ما من عنف يمكن ان يرتكب باسم الله".

واضاف "لنكرر معا من هذه الارض، ارض اللقاء بين السماء والارض وارض العهود بين البشر وبين المؤمنين، لنكرر +لا+ قوية وواضحة لاي شكل من اشكال العنف والثأر والكراهية يرتكب باسم الدين او باسم الله".

وتابع "لنؤكد سويا استحالة الخلط بين العنف والايمان، بين الايمان والكراهية، ولنعلن معا قدسية كل حياة بشرية ضد اي شكل من اشكال العنف الجسدي او الاجتماعي او التربوي او النفسي".

واعرب عن اسفه لبروز "شعبويات غوغائية لا تساعد بالطبع في تعزيز السلام والاستقرار"، معتبرا انه "ما من تحريض على العنف يضمن السلام وأي عمل أحادي لا يولد عمليات بناء مشتركة، انما هو في الواقع هدية لدعاة التطرف والعنف".

كما دعا الحبر الاعظم الارجنتيني الى وقف "تدفق الاموال والاسلحة نحو الذين يثيرون العنف".

واضاف "من الضروري وقف انتشار الاسلحة التي، ان تم تصنيعها وتسويقها، سوف يتم استخدامها عاجلا او اجلا".

وخلال لقاء مع السيسي بحضور العديد من المسؤولين المصريين، دعا رأس الكنيسة الكاثوليكية الى "الاحترام غير المشروط لحقوق الانسان غير القابلة للمساومة كالحق في المساواة بين كافة المواطنين وحق حرية الدين والتعبير دون ادنى تمييز".

كما اكد ان مصر مدعوة الى اثبات ان "الدين لله والوطن للجميع" مستعيرا شعارا سياسيا شهيرا في مصر وحرص على نطقه باللغة العربية وسط تضفيق الحضور.

وأحيطت زيارة البابا فرنسيس الخاطفة الى مصر بإجراءات أمنية مكثفة، إذ تأتي بعد نحو اسبوعين من اعتداءين انتحاريين داميين ضد كنيستين قبطيتين اوقعا 45 قتيلا في التاسع من ابريل الجاري.

وقال البابا في فيديو نشر قبل بضعة أيام من وصوله الى القاهرة ان زيارته هي رسالة "تعزية" و"دعم" الى "كل مسيحيي الشرق الأوسط". وأعرب عن أمله في ان تشكل "مساهمة مفيدة في حوار الاديان مع العالم الاسلامي وفي الحوار التوحيدي مع الكنيسة القبطية الارثوذكسية".

وشددت السلطات المصرية تدابيرها الامنية في محيط كل كنائس البلاد، خشية تعرضها لأي اعتداء أثناء زيارة البابا، كما أغلقت كل المنطقة المحيطة بالسفارة البابوية حيث ينزل البابا، أمام حركة السير، وانتشر فيها العديد من عناصر الشرطة والجيش.

وشاهد مصور لوكالة فرانس برس مدرعات وآليات قرب كاتدرائية الاقباط الارثوذكس في العاصمة.

وعلى طول الطريق التي سيمر فيها موكب البابا فرنسيس الجمعة، يمكن رؤية صور ضخمة تظهر البابا وخلفه الاهرام، وعبارة ترحيب باللغتين الانكليزية والايطالية.

ولا يزال التهديد قائما في مصر. فقد توعد تنظيم الدولة الاسلامية بتكثيف هجماته ضد الأقباط، وأغلبيتهم من الارثوذكس، وهم يمثلون قرابة 10% من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليونا.

وقبل التفجيرين الاخيرين، قتل 29 شخصا في هجوم انتحاري تبناه أيضا تنظيم الدولة الإسلامية في الكنيسة البطرسية المجاورة للكاتدرائية المرقسية في القاهرة، حيث سيقيم البابا فرنسيس اليوم صلاة مع بابا الاقباط تواضروس الثاني.

ويشكل المسيحيون في مصر نسبة عشرة في المئة من السكان البالغ عددهم 92 مليونا.

وحظى السيسي بتأييد واسع من أقباط مصر، بعد الإطاحة بسلفه الإسلامي محمد مرسي في صيف العام 2013.

ويدير الأزهر الذي يعود تاريخ إنشائه لنحو ألف سنة، جامعة ومدارس في مدن عدة في البلاد، يتوافد عليها آلاف الطلاب الأجانب من كل بقاع الأرض لدراسة العلوم الدينية قبل العودة الى بلادهم كرجال دين. وهو معروف بمواقفه المناهضة بشدة لكل تطرف إسلامي.

لكن الأزهر يجد نفسه وسط تجاذبات بين السياسة والدين منذ أطلق السيسي دعوته الى إجراء إصلاحات دينية لمواجهة الفكر الجهادي المتطرف.

ويقاوم الأزهر الى حد كبير فكرة فرض هذه الاصلاحات المتعلقة بشؤون الدين من الخارج.

وتهدف زيارة البابا بشكل خاص الى إعادة الحرارة الى العلاقات بين الأزهر والفاتيكان التي شهدت توترا على مدى عشر سنوات بعد تصريحات للبابا السابق بنديكتوس السادس عشر في سبتمبر 2006 ربط فيها بين الاسلام والعنف.

وتأزمت الأمور أكثر مطلع العام 2011، حين قرر الأزهر تجميد علاقاته مع الفاتيكان لأجل غير مسمى، إثر دعوة البابا بنديكتوس إلى حماية المسيحيين في مصر بعد تفجير انتحاري استهدف كنيسة في الاسكندرية.

والتقى البابا فرنسيس في مايو 2016 الشيخ أحمد الطيب في الفاتيكان.

ومنذ انتخابه في العام 2013، أطلق الحبر الأعظم الأرجنتيني مبادرات عديدة لتعزيز السلام والانفتاح على المسلمين.

فقد زار مساجد، وغسل أقدام مهاجرين مسلمين خلال الاحتفالات التي سبقت عيد الفصح، واصطحب ثلاث أسر مسلمة من اللاجئين السوريين على متن طائرته من جزيرة ليسبوس اليونانية إلى الفاتيكان.

ويبلغ عدد الكاثوليك في العالم 1,3 مليار. وتوجد في مصر أقلية كاثوليكية صغيرة يبلغ عدد افرادها 270 ألفا، استعدت بحماس لاستقبال البابا الذي سيترأس قداسا في استاد رياضي عسكري بإحدى ضواحي القاهرة السبت.

وتأتي زيارة البابا فرنسيس بعد 17 عاما من تلك التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني الى مصر.