تعال معي إلى الكونسير (1)
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
الكتاب يبدأ من لحظة دخول قاعة دار الأوبرا بوصفها من شكل وترتيب المكان إلى وضع الحضور وأمزجتهم، ثم شكل المسرح وأفراد الأوركسترا وآلاتهم ثم قائد الأوركسترا أي المايسترو والتعليق الفكه على لبسه، ثم يبدأ شرح وتعليم طريقة الفهم والسماع للمعزوفات الكلاسيكية في النصف الأول، ثم تليه الاستراحة وتعليقه عليها، وأخيراً يبدأ النصف الثاني من العرض، والجزء الآخر من الكتاب خصصه لموضوع لا تقل أهميته وقيمته عن الموسيقى الكلاسيكية، ألا وهو موسيقى "سيد درويش" التي تناولها من زاوية ربما لم يفطن إليها أحد من قبل وهي الكاريكاتور في موسيقاه، وهذا الجزء سأتركه للمقال القادم.طريقة شرحه وتعليمه في منتهى السلاسة العذبة التي تسهل وصول المعرفة والمعلومة ببساطة معجونة بخفة الدم والتهكم الساخر، لدرجة صعّبت عليّ الاقتباس، فكل الفقرات جميلة مبهجة وهذا مثال منها في وصف أعضاء الأوركسترا: "ومن باب جانبي من المسرح يتقاطر أعضاء الأوركسترا فرداً وزوجاً وثلاثاً وعنقوداً بلا ترتيب، كسلسلول الماء من صنبور شرقان، كل منهم يحمل آلته بيده، حريصا عليها أشد الحرص إلا الطبل والباس، فإنها حُملت إلى المسرح من قبل، لأن حملها ثقيل جئنا لنشهد عازفين لا عتالين، وكذلك البيانو أو الهارب إن كان في البرنامج دور لأحدهما".وهذا اقتباس ساخر يصف فيه صلعة قائد الأوركسترا: "ولكن رأسه يتنازعه صلع لامع وزغب لا يجد فيه المشط ما يملأ عينه، وهي فوق ذلك في شكل البيضة تنتهي بذقن مدبب وتحس أن الرأس من عمل إزميل حفار ينحت في صخر".وهذا مقطع لتعريف الفروقات بين التراث والجديد: "والواقع أن النقلة بين التراث والجديد، هناك وحدة وتطريب وانسجام، وهنا تشتت وصدمة وتضاد، إن أطل التطريب برأسه فعلى استحياء ولزيارة خاطفة، هناك توليف، وهنا تمزيق، هناك الابتكار أعلى من الثقافة، هنا الثقافة أعلى من الابتكار، هناك القلب غالب، هنا العقل إن لم يكن مسيطراً كل السيطرة على القلب فهو مشارك له في التعبير ومن هنا نتبين أهمية التراث، إنه لازم حتى لفهم الحديث ولا لقاء مع الحديث إلا عبر التراث".ولأهمية هذا الكتاب رغم قلة صفحاته، فإنه يحتاج إلى مقال آخر لتبيان قيمة جزئه الثاني.