لسان
في مؤتمر نهاية أسبوع سريع في دولة عربية، وعندما دخل علينا في نهاية فعاليته أحد المسؤولين الرفيعين في الدولة وعضو أسرتها الحاكمة، فار غضبي لمقاطعته فعاليات المؤتمر، حاولت الإبقاء على دبلوماسيتي ما أمكن إلا أنني ما استطعت التفاعل مع الحوار .
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
أما ثانياً فلم تكن في الجانب الكويتي. تحدث المسؤول، وهو المعروف بثقافته العالية، باللغتين العربية والإنكليزية بطلاقة وبلاغة وترتيب للأفكار وبراعة في استخدام التعابير، دون أي ورقة مكتوبة وفي تفاعل مع كل ما جاءه من تعليقات بيقظة فورية، ما أثار غيظي مجدداً. في تحملنا شرور السياسة وطغيان المسؤولين، لمَ لا نستمع لخطابات بليغة، مثل هذا الذي كنت أستمع إليه، تنسينا همومنا وطغيانهم على الأقل؟ وإن كانوا غير قادرين، فلمَ لا يوظف هؤلاء مستشارين إعلاميين ينصحونهم بما يقولون وما لا يقولون؟ لمَ لا يرسل أصحاب السلطة أبناءهم لمدارس إعداد القادة ليعودوا قادرين على إقناع الناس بما لا يقبل الاقتناع، وليحولوا بكلامهم الشر إلى خير منمق كما يفعل الساسة المتحدثون؟ هل كتب الله علينا أن نعايش الآثام ثم تصفع بها وجوهنا هكذا دون تنميق؟ نحن نعرف أن الدولة "تُبلِع الإنسان المعارض العافية" ولكن هل كان يجب أن ترمى الجملة هكذا في وجوهنا؟ نحن ندرك أنك شمولي لا ترى للأمة سلطة ولكن هل كان يجب أن تضعها صورة وكتابة على مواقع التواصل هكذا في لب أعيننا؟ لماذا لا يصبح المثقفون مسؤولين عندنا؟ ولماذا لا يتثقف مسؤولونا حتى، على الأقل، نبلع الكلام الذي لا يبلع ونقتنع بالطغيان الذي لا يقنع؟ في الغالب أنا لست موضوعية في هذا الجانب، ولكنني حاولت رؤية الكأس نصف ممتلئة. ولا بد أن أعترف أن الحديث عن البرلمان الكويتي وتجربته المميزة في العالم العربي الذي بقي رفقاء المؤتمر يتداولونه ملأني فخراً واعتزازاً على الرغم من كل المثالب والمشاكل والجانب الصوري للديمقراطية الذي هو جزء من هذه التجربة، والذي تجنبت الحديث عنه، أعترف، شوقاً وطمعاً في مشاعر السعادة والفخار ولو لفترة قبل العودة للنقد المستحق. كما أن تواضع شكل السلطة مقارنة بأشكالها المحيطة بنا كان مثار فخري ومصدرا مهما لتجدد آمالي بأننا سباقون وأقرب من غيرنا الكثيرين لصورة جيدة من صور التوازن الديمقراطي. فقط لو أن مسؤولينا يحسنون تنميق كلامهم لفات علينا الكثير من الطغيان والتعسف، الذين هم جميعاً جزء لا يتجزأ من السلطة في كل أنحاء العالم، دون أن ننتبه كثيراً. فيا مسؤولينا لا تستهينوا بقوة الكلمة، في النهاية الإنسان في لبه لسان.
الحديث عن تجربة البرلمان الكويتي المميزة الذي تداوله رفقاء المؤتمر ملأني فخراً واعتزازاً