ماكرون في مواجهة لوبان... واقع سياسي جديد في فرنسا
على ماكرون توخي الحذر في الجولة القادمة، فإذا قرر جزء بسيط، ممن يعتقدون أن فوزه أمر مسلّم به، البقاء في المنزل في السابع من مايو، يكون أمام لوبان عندئذٍ فرصة لتصبح الرئيس الفرنسي التالي.
يشعر معدو استطلاعات الرأي على الأقل بالراحة حيال نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فقد نجحوا في توقّع نتيجة التصويت: ستضع الجولة الأولى إيمانويل ماكرون في مواجهة مارين لوبان.ولكن على الرغم من أشهر من استطلاعات الرأي التي توقعت فوز لوبان في الجولة الأولى، تمكن ماكرون من التفوق عليها، فحصد 23.9% من الأصوات، صحيح أن هذا انتصار بهامش بسيط إلا أنه يظل انتصاراً.ولكن عندما يتوجّه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الجولة الثانية في السابع من مايو فإن عليه أن يضطلع بدور كرر دوماً أنه لا يرغب في تأديته: المنقذ. لماكرون ولوبان رؤيتان عن مستقبل فرنسا الاجتماعي والسياسي لا يمكن أن تكون أكثر تنافراً، فيمثّل إيمانويل ماكرون كل ما تريد لوبان التخلص منه، ففي خطاباته تحدث عن بلد يضج حياة، ويعمل للمستقبل، ويرى في العولمة فرصة لا تهديداً.
في المقابل تريد لوبان الابتعاد عن أوروبا وإقفال حدود البلد مجدداً بعد عقود من الانفتاح، يعود القرار اليوم إلى فرنسا، واتضح ما يريده الفرنسيون بشكل جلي خلال جولة الاقتراع الأولى. أخفق حزبَا البلد الرئيسان في بلوغ الجولة الثانية للمرة الأولى في 60 سنة تقريباً وللمرة الأولى في الجمهورية الخامسة، ولا شك أن المرشحين أنفسهم يحملون جزءاً من اللوم. على سبيل المثال كانت حظوظ فرانسوا فيون المحافظ بالفوز كبيرة قبل أن تلفه الفضائح ويتحول إلى ضحية غطرسته، فاحتل المرتبة الثالثة مع 19.9% من الأصوات. ولكن ثمة ما يدفع معسكر لوبان إلى القلق، ولطالما اعتُبرت لوبان المرشح الوحيد الذي تأكّد بلوغه الجولة الثانية، ولكن رغم حملتها الواسعة والجهود الحثيثة التي بذلتها طوال سنوات لتمنح حزبها طابعاً محترفاً وتتخلى عن الصورة المتطرفة التي خلّفها والدها، مؤسس الحزب، لم تنجح في حصد أكثر من 5 نقاط مئوية إضافية عما حققته في جولة التصويت الأولى قبل خمس سنوات. علاوة على ذلك لا شك أن لوبان تشعر بالاستياء لأن إيمانويل ماكرون، وهو سياسي شاب لم يسبق له أن ترشّح للرئاسة، ويدّعي على نحو مماثل أنه معارض للنظام إنما من جهة مناقضة تماماً لها، نجح في التغلب عليها في الجولة الأولى.ولكن على ماكرون أيضاً توخي الحذر، ففي هذا الوضع الجديد الذي تجد فرنسا نفسها فيه، لا يمكننا الجزم إلا في مسألة واحدة: ما من أمر أكيد.إذا قرر جزء بسيط ممن يعتقدون أن فوز ماكرون أمر مسلّم به البقاء في المنزل في السابع من مايو، يكون أمام لوبان عندئذٍ فرصة لتصبح الرئيس الفرنسي التالي لأننا واثقون من نقطة واحدة: سيُقبِل داعمو الجبهة الوطنية بقوة على صناديق الاقتراع.* «شبيغل»