لا يعيش المجتمع في الغرب بتاتاً مثل هذا الصراع القائم بين الوالدين وولدهما حين يأزف موعد التحاقه بالجامعة، ومن ثمّ اختياره التخصص المناسب له.

Ad

هل الصورة واضحة؟

يتعرّف الولد في أثناء دروسه ومطالعته ومشاهداته الأفلام الوثائقية على التلفزيون والوسائل الإلكترونية الأخرى إلى كثير من المخترعين والمبدعين في شتّى الحقول. وقد يميل منذ صغره الى حقل ما وجد فيه ما يحقق طموحاته ويلبي رغباته، من دون أن ينظر إلى الأمور الماديّة التي ستنتج عنه، أجيدة كانت أو عاديّة.

ومن الأولاد أيضاً أولئك الذين يتردّدون في الاختيار، ولا يعلمون الاختصاص الذي ينبغي أن ينتقوه ويكون مناسباً لمستقبلهم، فالصورة لديهم غير واضحة، وبالتالي لا يمكنهم حسم قرارهم.

انطلاقاً من هذا الواقع، فإنّ دور الأهل في التوجيه، لا في الفرض، مهمّ جداً، وعليهم مساعدة أولادهم ليكتشفوا بنفسهم المجال الذي سيختارونه لأجل مستقبلهم.

التفكير من دون ضغط

القاعدة الأولى في المساعدة هي الأخذ بعين الاعتبار أنّ لا فكرة سيئة أو غبيّة تصدر عن الولد، وهو قد يعدّل رؤيته مرّات عدّة للوصول إلى القرار الصائب، وهذا من حقّه. وعندما يجد طريقه الصحيح سيستغرب الأهل من قدرته وتصميمه على بلوغ الهدف.

التحليق في الاختيار

لا شكّ في أنه من الضروري أن يعرف المرء حدوده ومدى إمكاناته، لكن هذا لا يمنع الولد الطموح من الحلم والتحليق بأفكاره لبلوغ الأفضل. فلا يقف أحد في وجه أحلامه، وقد تريان يوماً أن ما يستطيع ولدكما تحقيقه سيفاجئكما.

وضع برنامج للاختيار

إنّ اختيار الاختصاص في السابعة عشرة وما فوق في العمر لأمر صعب. لتسهيل الموضوع، نستعرض مع الولد في البداية مختلف الميادين: صناعة، تجارة، زراعة، اقتصاد، إعلام، سياحة، صحّة وغيرها.

وبعد أن يتجاوب مع أحد هذه الميادين نبحث معه في الاختصاص. إذا اختار الصحّة مثلاً فإنها تتضمّن مهناً عدّة كالطبّ في مختلف فروعه، والصيدلة، والمختبرات، والتصوير الشعاعي، ووظائف الخدمة في المستشفيات وغيرها.

الإصغاء الى الآخرين

كي تتبلور فكرة الاختصاص، يحتاج كل من الأهل والولد إلى من سبق ومارس المهنة. وهؤلاء أناس يتمتعون بالخبرة، ولا بأس من الإصغاء لملاحظاتهم، ولكن لا تعتقدوا أنكم مجبرون على التقيّد بها. فبعدما يستمع الولد الى مختلف الآراء يغربلها بنفسه ويختار المناسب منها، ولا تدعوا أحداً يقرّر عنه.

دراسة أسواق العمل

ثمة مهن تولد وتبرز، فيما تتراجع مهن أخرى وتموت، ومن واجبكما دراسة أسواق العمل بشكل مبدئي وعرضها على الولد ليكوّن فكرةً عنها.

مهنة الصحّة مثلاً تتقدّم يوماً بعد يوم، كذلك مهنة الإعلام، ومهنة الاتصالات السمعيّة والبصريّة نشأت منذ عقود عدة وهي تسير بصورة تصاعدية، ومهنة ميكانيك السيارات بدأت بالتبدّل من الفحص الميكانيكي اليدوي إلى الفحص بواسطة الكمبيوتر، وأساليب التجارة قد تعدّلت فأصبح الزبون يستطيع شراء ما يبغيه عبر الإنترنت.

خيار واضح

تمّ اختيار ولدكما للاختصاص الذي يريده وقد ينتهي في ثلاث سنوات أو خمس أو سبع. أصبح شاباً ويريد شقّ طريق اختصاصه بنفسه، وعليه أن يتحمّل مسؤوليّة دراسته وما تفرضه من مثابرة واجتهاد، وعليكما تأمين أجواء الهدوء والطمأنينة ليتمكن من إنجاز فروضه بذهن صافٍ.

تعتبر هذه المرحلة من حياة ولدكما من أدقّ المراحل في مسيرته، فهي التي ستنير دربه وتقوده الى المهنة التي يتمنّاها والتي قد يزاولها طوال عمره.