الرئيس «المخربط»!
السياسة الأميركية الجديدة تحولت إلى منهج "بلاّع البيزة"، وبعقلية تجارية يستخدم ترامب حفنة من الصواريخ والقنابل لإثبات أنه سوبرمان العالم الحالي من أجل شفط أموال الدول الغنية كألمانيا والصين والأهم من ذلك دول الخليج!
جرى العرف السياسي في الولايات المتحدة أن يمنح الرئيس المنتخب لأول مرة فرصة (100) يوم، وهي بمثابة شهر عسل يتساهل خلالها معه الإعلام لعدم إرباكه وإتاحة المجال لترتيب أموره، ووضع معالم سياساته العامة في مختلف القضايا.شهر العسل للرئيس ترامب انتهى وظهرت التقارير الأولية حول الوضع الاقتصادي الذي اعتبرته وسائل الإعلام الأميركية "مخربطاً"، فلم يدرّ دونالد ترامب أي أموال على الخزانة العامة وليست هناك مؤشرات واضحة على قدرة إدارة الرئيس للإيفاء بتعهداته الانتخابية إلا من خلال زيادة الضرائب على الطبقة المتوسطة، أما الوضع الإداري داخل البيت الأبيض فقد شبهه الإعلام بالجحيم بسبب حالة الفوضى والتردد، ونقص الخبرة السياسية والإدارية لطاقم العمل. وباختصار فإن الإدارة الأميركية الجديدة لا تعكس سوى عقلية مراهقة "مطفوفة" لقيادة هذا الكيان الجبار الذي يعتبر الرقم واحد في كل شيء على مستوى العالم، ولهذا تستمر المظاهرات والاحتجاجات وحتى المواجهات بين الأميركيين أنفسهم الذين انقسموا في صدع قابل للزيادة مع مرور الوقت.
كل ما سبق قد يكون شأناً داخلياً والشعب الأميركي هو "الأبخص" به، ولكن في الشأن الخارجي يبدو أن الحماقة والبلطجة هي سيدة الموقف أيضاً، فالرئيس ترامب ووزيرا خارجيته ودفاعه يلحسون كلامهم يومياً إزاء القضايا الدولية، وما عدا العلاقة الحميمية مع إسرائيل، تحاول الحكومة الأميركية استعراض قوتها بين حين وآخر وبشكل عشوائي ومثير للشفقة، فترامب نفسه وخلال أسبوع من الزمان صرح بألا شأن له بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، وبعدها بساعات اتهمه باستخدام الأسلحة الكيماوية وقصف مطار الشعيرات بوابل من صواريخ التوماهوك، ولكنه سرعان ما تراجع أمام العين الحمرة الروسية ليعيد أسطوانة عدم الاكتراث بمصير الأسد، وأن أولوياته سحق "داعش" في أيام.ترامب قصف أفغانستان بأكبر قنبلة في العالم ليقتل (30) فرداً فقط من مقاتلي "القاعدة" ممن يستطيع كل واحد منهم قتل أكثر من (100) إنسان بحزام ناسف بدائي! وفي المقابل هدد وتوعد إيران وتعهد بنسف الاتفاقية النووية، لكنه تراجع ليوكل أمر مراجعتها للجهات المختصة. خلال حملته الانتخابية طالما مدح ترامب كلاً من بوتين وإردوغان، لكنه اليوم يقاتلهم عبر سورية وأوروبا الشرقية، أما الخليج فقصتها قصة في سياسة ترامب، فبعدما وجه انتقادات لاذعة لدول الخليج "الغنية" أعلن تحالفه الاستراتيجي مع السعودية، لكنه سرعان ما غيّر موقفه، واعتبر أن المملكة تكلف الولايات المتحدة غالياً في حمايتها، وأن الأخيرة غير عادلة في علاقتها مع واشنطن، وعليها ضخ المزيد من الأموال للخزانة الأميركية، في حين يتوعد وزير دفاعه دولة قطر!على النقيض هدد ترامب بتلقين كوريا الشمالية درساً لا ينسى إذا استمرت بإطلاق الصواريخ البالستية لكن الكوريين كانوا الأكثر إقناعاً في التهديد المباشر الذي أجبر ترامب "الأندرتيكر" على التراجع.هذه دلالات سريعة على أن السياسة الأميركية الجديدة تحولت إلى منهج "بلاع البيزة"، وبعقلية تجارية يستخدم ترامب حفنة من الصواريخ والقنابل لإثبات أنه سوبرمان العالم الحالي من أجل شفط أموال الدول الغنية كألمانيا والصين والأهم من ذلك دول الخليج!