يوم الجمعة 21 أبريل، حضر بيل غيتس (61 عاماً) وزوجته ميليندا (52 عاماً) إلى قصر الإليزيه لتلقي وسام جوقة الشرف من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. أعلن الأخير أمام ضيوفه: «تخصص مؤسستكما التي تدعم 1400 برنامج في أكثر من 130 بلداً ميزانية سنوية تصل قيمتها إلى 4 مليارات دولار، علماً بأن وزارات كثيرة تتمنى الحصول على ميزانية مماثلة!».

حين يتنقل بيل وميليندا وسط حراس شخصيين كتومين، يعاملهما الناس بما يناسب مقامهما! أنشأ بيل شركة «مايكروسوفت» في عمر التاسعة عشرة، حين كانت ميليندا في العاشرة من عمرها. لكن بعد تخرّجها في الجامعة، كانت تحلم بالعمل في تلك الشركة لأنها ظنّت أن «مايكروسوفت» ستغيّر العالم: «في طفولتي، كنت أحلم بالأمومة وبإطلاق مسيرة مهنية ناجحة في قطاع الأعمال. لم أشأ أن أكون مجرّد أم وربة منزل».

Ad

ميليندا التي نشأتُ في دالاس، تكساس، وسط عائلة من الطبقة الوسطى، دخلت إلى «مايكروسوفت» في عام 1987 بصفتها مهندسة، لكنها فهمت سريعاً أن معركتها بدأت للتو، إذ اصطدمت بمشكلة التمييز بين الجنسين وسط بيئة ذكورية بامتياز. لكنها نجحت في إثبات نفسها بسرعة وأصبحت بعد فترة مديرة عامة على أحد أقسام المجموعة. كان 1700 شخص تحت إمرتها حين غادرت الشركة تزامناً مع ولادة ابنها البكر في عام 1996.

زواج ومؤسسة خيرية

منذ عام 1987، حظيت ميليندا بمكانة مميزة وأصبحت المفضلة لدى رب العمل. قابلت بيل خلال اجتماع تجاري في نيويورك، كانت تبلغ حينها 23 عاماً، ثم دعاها إلى العشاء بعد الاجتماع. حينها، شعرت باهتمامه بها لكنها لم تكن مستعدة كي تصبح زوجة رب العمل كما تقول، ثم انتظرت سبع سنوات قبل أن توافق على الارتباط به رسمياً، وتزوج الثنائي في حفلة حميمة في هاواي.

كان يمكن أن يكتفي بيل وميليندا باحتساب حجم ثروتهما وتكديس المليارات، لكنهما ليسا من هذا النوع. خلال تحضيراتهما للزواج، بدآ يتساءلان عن المعنى الذي سيعطيانه لحياتهما المشتركة. سرعان ما قررا إنشاء مؤسسة خيرية ستتلقى معظم ثروتهما بعد وفاتهما. تقول ميليندا إن أولادهما الثلاثة وافقوا على هذه الخطة لأن المال لم يكن يوماً محرك حياتهم. من الواضح إذاً أن أغنى ثنائي في العالم هو الأقل مادية على الإطلاق!

المعركة الحقيقية والرئاسة

في عام 2000، أنشأ الزوجان مؤسستهما التي حملت اسميهما، لكن تولّت ميليندا إدارتها في البداية بينما كان بيل منشغلاً بإدارة «مايكروسوفت». ولم تنسَ الزوجة يوماً معركتها الحقيقية رغم زواجها من ملياردير: «تتعلق قضيتي الأساسية بتحرير النساء. سنفوز على المستويات كافة حين نركّز على المرأة. عندما نساعدها مادياً، يتضاعف احتمال أن تستثمر قدراتها لتحسين صحة أولادها ومستواهم العلمي وراحتهم». رغم تمسّكها بمبادئها الكاثوليكية، إلا أنها تؤيد استعمال وسائل منع الحمل في البلدان الفقيرة كي تتحرر المرأة هناك وتكسر دوامة الفقر. تعترف ميليندا اليوم بأنها واجهت مرحلة صعبة حين ترك بيل «مايكروسوفت» (احتفظ بـ2.3% منها) كي ينضم إليها ويشاركها رئاسة المؤسسة الخيرية. احتاج الزوجان إلى سنتين كي يعيدا تقسيم المهام بسلاسة.

في أكتوبر 2016، اعترف بيل غيتس في إحدى مقابلاته بأنه اختار المرشح الذي يريد انتخابه وعدّد مواصفات تنطبق على هيلاري كلينتون. وحين سُئلت ميليندا الداعمة للحركة النسائية إذا شعرت بالخيبة من نتائج الانتخابات الأميركية، قالت إنها تجاوزت تلك المرحلة: «عملتُ مع كلينتون حين كانت في مجلس الشيوخ وحين أصبحت وزيرة الخارجية. لكني، أنا وبيل، ناخبَين مستقلَين جداً ولا ننحاز إلى أي حزب بل نتعاون مع الجميع».

أفضل استثمار

تعتبر ميليندا أن مساعدة البلدان الفقيرة تشكّل أفضل استثمار للولايات المتحدة لمنع أزمات الهجرة والحروب وضمان الازدهار على المدى الطويل. ولكن تتجنب وبيل اليوم التكلم بشؤون الأعمال والأموال لأنهما أصبحا مجرّد ناشطَين يجولان العالم لإطلاق مبادرات مفيدة.

منذ فترة قصيرة تناقشت ميليندا مع إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأميركي، واعتبرتها شابة لامعة كونها مصرّة على العمل لتحرير النساء في الولايات المتحدة وفي الخارج.

يبقى أن رؤساء البلاد يتبدّلون باستمرار بغض النظر عن أدائهم، لذا يدرك بيل وميليندا غيتس أنهما سيبقيان سيّد العالم وسيّدته بعد انتهاء هذا العهد الرئاسي!