حكاية السيارة!

ما هي إلا سنوات قليلة أعقبت عصر الصناعة، حتى تكاثفت المخترعات التي كان لها التأثير الكبير في تغيير مسار حياة الإنسان، ولعل السيارة تعد واحدة من أهم الاختراعات التي شهدها التاريخ البشري في القرنين الماضيين!

وقد لا أضيف جديداً عندما أعرج على بدايات صناعة السيارة، فهي قد طُرقت بأشكال مختلفة، ولكن كما يقال في الأمثال: «لكل شيخ طريقة»، لذا فسوف أطرحها بطريقتي المبسطة.

***

اكتملت معالم السيارة من خلال ثلاثة أماكن متفرقة في العالم: فرنسا (باريس تحديداً)، وألمانيا (برلين بالذات)، وفي مدينة ديترويت الأميركية.

وكانت المحاولات في هذه البلدان الثلاثة مجرد تجارب لم تتوصل إلى صيغة نهائية، ولكن بعد أن وصلت السيارة إلى ما هي عليه الآن أخذت معارك التفاخر تدور بين هذه البلدان، كلٌّ منها يدعي الأولوية في صناعتها، فالفرنسيون يطرحون اسم "ديون بوتون"، باعتباره الأب الحقيقي للسيارة، في وقت يشيد الألمان بمخترعهم "أوتو راب"، بينما الحقيقة التاريخية العلمية تؤكد: أن الذي جعل السيارة بشكلها الذي هي عليه هو "هنري فورد" الذي قطع شوطاً كبيراً بالوصول إلى إتمام مشروعه، ولما أعاقته ظروف مالية قالت له زوجته: لماذا لا تلجأ إلى المخترع أديسون؟!

- سيسخر مني، فهو كما تعرفين يهتم بالعربات الكهربائية.

- يا هنري، أديسون مخترع عظيم، فلو شرحت له مشروعك القائم على حرق المحروقات فسوف يساعدك.

- لا أظن... فقد حدث مرة أن انتقدت العربات التي تسير بالكهرباء، وقلت له: من الأفضل صناعة سيارة صغيرة بدلاً من الحافلات الكبيرة، فأبعدني عن قسم العربات الكهربائية إلى قسم الأسطوانات الفونوغرافية!

- هنري، إذاً ليس أمامنا غير أن نبيع ما لدينا من أشياء لا نحتاج إليها، كمجوهراتي مثلاً.

وبالفعل قام هنري فورد ببيع ما لديه من مقتنيات، وتم بناء أول آلة شبه كاملة بمحرك بدائي، وتم كذلك تركيب العجلات، وجلس خلف المقود، وأخذت زوجته مكانها الى جانبه، وقالت له: لنذهب إلى مصنع أديسون، لتطلعه على ما وصلت إليه.

- ليس قبل أن أسجل الاختراع باسمي.

وذهب هنري بسيارته البدائية لأديسون الذي سأله: قيل لي إنك كنت تعمل بمصنعي.

- نعم يا سيدي.

- وصنعت عربة تسير بالبترول؟!

- أجل يا سيدي، وها هي رسوماتها أمامك.

- سيارتك يا ولدي، ستحدث تغييراً في مواصلات العالم، ولكنك ستحتاج إلى الكثير من مصنعي، فما رأيك أن تشاركني؟

- لقد كتبت الاختراع باسمي يا سيدي!

وفي عام 1895 نُشر هذا الإعلان: أول سيارة صالحة للاستعمال اليومي... أسرع، فالعدد محدود.

وأصبح هنري فورد واحداً من أثرى أثرياء العالم، ومؤسسة فورد تمتلك الكثير من المؤسسات في أميركا، بفضل أن هذا الميكانيكي هنري فورد كانت طموحاته أكبر من أن يكون ميكانيكياً!