في خطوة كبيرة نحو وقف المعارك الدائرة منذ 7 أعوام، أقرت روسيا وتركيا وإيران وثيقة تبناها الرئيس فلاديمير بوتين ولاقت تأييداً دولياً كبيراً تنص على إقامة «مناطق لتخفيف التصعيد» في محافظة إدلب (شمال غرب)، وفي شمال حمص (وسط)، وفي الغوطة الشرقية قرب دمشق، وفي درعا جنوب سورية.

ووسط احتجاج من بعض أعضاء وفد فصائل المعارضة على توقيع إيران الداعمة للرئيس بشار الأسد على النص، ومغادرته القاعة، وقع الوثيقة رؤساء وفود البلدان الثلاثة الراعية لمفاوضات السلام في أستانة، وهم مبعوث الرئيس الروسي للتسوية السورية ألكسندر لافرينتييف، ونائب وزير الخارجية التركي سيدات أونال، ونائب وزير الخارجية الإيراني جابري أنصاري.

Ad

وفي نهاية جلسة ماراثونية موسعة شهدت انسحاب ممثل فصيل «فيلق الشام» الرائد «ياسر عبدالرحيم، الذي اتهم وفد إيران بأنه مجرم، تلا وزير خارجية كازاخستان خيرت عبدالرحمنوف البيان الختامي للجولة الرابعة من مفاوضات أستانة، مؤكداً أن الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار اتفقت على توقيع مذكرة تفاهم بشأن إنشاء 4 مناطق آمنة.

واعتبر عبدالرحمنوف أن استمرار التوتر لن يكون مجدياً لأي طرف، داعيا إلى وقف العنف والابتعاد عن العمليات العسكرية، وإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من الحرب.

وشدد عبدالرحمنوف على أنه «لا بديل عن الحل السياسي وعملية أستانة جزء لا يتجزأ من مفاوضات جنيف»، مشيراً إلى أن الاجتماع المقبل ستستضيفه كازاخستان في منتصف يوليو المقبل.

المسودة النهائية

ونصت المسودة النهائية لمشروع مذكرة التفاهم على تشكيل فريق عمل مشترك من الضامنين في غضون 5 أيام لتحديد مناطق «وقف التصعيد» الأربع والمناطق الأمنية وحل المسائل التقنية، واتخاذ التدابير اللازمة لاستكمال تعريف خرائطها حتى تاريخ 22 مايو الجاري.

كما أكد مشروع مذكرة التفاهم على وجوب اتخاذ الضامنين جميع التدابير اللازمة لمواصلة قتال تنظيمي «داعش» و«النصرة»، وغيرهما من المنظمات التابعة لهما بمناطق «تخفيف التصعيد» ومساعدة قوات الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة على ذلك أيضاً، فضلاً عن المنظمات الإرهابية الأخرى التي أدرجتها الأمم المتحدة على هذا النحو خارج مناطق التصعيد.

توقف القتال

وأكد رئيس الوفد الروسي أن القتال سيتوقف في المناطق المحددة، اعتباراً من اليوم الجمعة، والطيران الحربي السوري لن يحلق فوقها، لافتاً إلى استعداد موسكو لإرسال مراقبين إليها.

وذكر لافرينتييف أن الدول الضامنة اتفقت على إمكانية مشاركة قوات من دول أخرى لمراقبة وقف الأعمال القتالية، مشيراً إلى أن بلاده ستعمل عن كثب مع الولايات المتحدة والسعودية في هذا الشأن.

وفيما اعتبر مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا مذكرة التفاهم خطوة في الاتجاه الصحيح صوب تثبيت وقف إطلاق النار، أوضحت وزارة الخارجية التركية أن المناطق تشمل كل إدلب وأجزاء من حلب واللاذقية وحمص وريفي درعا والقنيطرة، مبينة أنه سيحظر استخدام جميع الأسلحة في تلك المناطق وسيسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إليها.

موقف الفصائل

وبعد عدوله عن قرار تعليق مشاركته في المحادثات، جدد وفد المعارضة، الذي سعى إلى تحسين شروط التفاوض ولفت الأنظار إلى مطالب تكررت أكثر من مرة ولم يتم تنفيذها، رفضه أي اتفاق عسكري وسياسي، ما لم يكن مرتبطًا بقرارات أممية تشدد على وقف إطلاق النار وفك الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة، وإطلاق سراح المعتقلين.

وأوضح المتحدث باسم الوفد أسامة أبوزيد أن وفد الفصائل يرفض دور إيران، كضامن في المحادثات السورية، باعتبارها دولة معادية للشعب «تتغذى على أشلاء السوريين، وتنفذ تغييراً ديمغرافياً»، رافضاً استثناء أي منطقة من قرار وقف إطلاق النار أو أي محاولة لتقسيم أو تجزئة سورية.

دمشق وطهران

وإذ أكد رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري في أستانة أن النظام يساند المبادرة الروسية لإقامة مناطق آمنة، ذكر مستشار وزير خارجية إيران حسين شيخ الإسلام أنّ «طهران تدعم أي مبادرات حول تخفيف النزاع، والتوقيع على المذكرة ومجموعة الإجراءات التابعة لها يمكن أن يصبح خطوة جديّة في طريق تسوية الأزمة السورية».

وفي وقت سابق، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أن «دمشق تؤيد المبادرة الروسية، وتؤكد التزامها بنظام وقف الاعمال القتالية الموقع مع استمرار الجيش والقوات والرديفة والحلفاء حربهم ضد الارهاب أينما وجدوا».

نصف الحل

واعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن الخطة، التي ناقشها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ستساهم في حل النزاع المستمر منذ ستة أعوام بنسبة 50 في المئة، مؤكداً أن «مناطق تخفيف التصعيد» ستتضمن إدلب، وجزءاً من محافظة حلب والرستن في حمص، إضافة إلى جزء من كل من دمشق ودرعا. في حديثه للصحافيين على طائرته أثناء عودته من سوتشي، كشف إردوغان عن تسليمه بوتين صوراً لعسكريين روس في عفرين السورية، إلى جانب مقاتلين أكراد، مؤكداً أنه تعهد بدراستها وقال: «من المستحيل أن يتورط عسكريونا في مثل هذه الأشياء».

خان شيخون

في غضون ذلك، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا أن «استمرار تجاهل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لطلب إرسال خبراء للتحقيق في استخدام المواد السامة في خان شيخون يبعث على القلق العميق يدل على عدم وجود رغبة لديها لمعرفة حقيقة ما جرى هناك».

وانتقدت زخاروفا قيام خبراء «مجهولي الهوية» بإجراء تحقيقات «عن بعد» في خان شيخون، داعية إلى «البحث عن العاملين على إطالة أمد الحرب».

معركة الغوطة

وعلى الأرض، تواصلت الاشتباكات للأسبوع الثاني على التوالي بين «جيش الإسلام» من جهة و«فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» من جهة ثانية في الغوطة الشرقية، ما تسبب بمقتل 150 عنصراً بينهم قيادات كان لهم دور بارز في اندلاع الاقتتال، إضافة إلى أكثر من 14 مدنياً بينهم أطفال جراء عمليات القنص المتبادلة.