مصر : مخاض عسير لقانون الاستثمار وسط اعتراض الحكومة
يتجه مجلس النواب المصري لتمرير قانون الاستثمار الجديد خلال ساعات، وسط اعتراضات قوية من الحكومة، بعد إدخال عدد من التغييرات الجذرية على القانون.ويرى الاقتصاديون أن صدور قانون الاستثمار الجديد سيكون خطوة ضرورية للقضاء على البيروقراطية وتسهيل الحصول على تراخيص المشروعات، وتوفير مناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية.وقد انتهت اللجنة الاقتصادية يوم الأحد بمجلس النواب من إدخال التغييرات على مشروع القانون الجديد ولم ترسله للحكومة سوى يوم الثلاثاء، وهو نفس يوم عرضه على الجلسة العامة للبرلمان الذي يمثل رجال الأعمال نحو 15 في المئة من أعضائه.
ووافق البرلمان بشكل مبدئي يوم الثلاثاء على مشروع القانون دون انتظار تعليق الحكومة على التعديلات. وانتقد مسؤول حكومي رفيع، أمس، سرعة إجراء التغييرات.وقال المسؤول الذي تحدث مع "رويترز"، بشرط عدم الكشف عن اسمه: "التغييرات التي حدثت على القانون جذرية. التغييرات تمت من غير ما حد يعرف حاجة. من غير المعقول أن تنتهي اللجنة الاقتصادية من القانون الأحد وتريد تمريره بعد ذلك بيومين".وأضاف: "رئيس الوزراء لم يعلم بالتغييرات التي حدثت على القانون ولا وزارات التجارة والصناعة ولا المالية ولا الاتصالات ولا الإسكان. لا يمكن تمرير القانون من دون معرفة الحكومة".وتشمل اعتراضات الحكومة على التعديلات التي أضافتها اللجنة الاقتصادية عودة المناطق الحرة الخاصة، وزيادة نسب الحوافز الاستثمارية، وتوحيد ولاية الأراضي إلى وزارة الاستثمار فقط.لكن عمرو غلاب رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب قال لـ "رويترز": "اللجنة تقاربت في أجزاء (خلافية) مما عرض عليها مع أعضاء الحكومة. مصر كلها تنتظر القانون، وسيعرض على الجلسة العامة اليوم، ونأمل أن تتم الموافقة عليه بالشكل المعروض".وأضاف غلاب: "ناس كثيرة تريد الاستثمار في مصر وتريد ضمانات وحوافز للاستثمار".يتضمن القانون الجديد بعض الحوافز للمستثمرين، من بينها خصم 70 في المئة من التكلفة الاستثمارية للمشروع من الضرائب للمشروعات القائمة في الأماكن الأكثر احتياجا للتنمية و50 بالمئة للمناطق التي لا تحتاج إلى تنمية.لكن اللجنة الاقتصادية بعد مناقشات مع أعضاء الحكومة الليلة الماضية خفضت المزايا لتتراوح بين 30 و50 في المئة. وهون نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، عمرو المنير، من حدة الخلاف بين الحكومة والبرلمان، وقال لـ "رويترز": "ليست هناك خلافات، بل اختلافات في الرأي، لتحقيق نفس الهدف بين الحكومة ككل وبين اللجنة الاقتصادية"، لكنه شدد على أن الحوافز الضريبية "لا تجذب الاستثمار"، وأن المناطق التجارية الحرة الخاصة معفاة من الضرائب والجمارك والرسوم.وينص القانون الجديد للاستثمار على التزام الهيئة العامة للاستثمار بالبت في طلب تأسيس الشركات الجديدة خلال يوم عمل كامل على الأكثر، وأن يكون لكل منشأة أو شركة رقم قومي موحد معتمد لكافة معاملات المستثمر مع كل أجهزة وجهات الدولة المختلفة.وقال أمين سر اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب أحمد فرغل إنه حدثت انفراجة بين أعضاء الحكومة واللجنة الاقتصادية في اجتماعات أمس بشأن بعض المواد الخلافية مثل الحوافز الاستثمارية "لكن اللجنة رفضت طلب أعضاء الحكومة بإلغاء المناطق الحرة الخاصة".وأضاف فرغل: "قمت بالتصويت داخل اللجنة ضد المناطق الخاصة، لكن رأي الأغلبية كان وجودها. أرى أن تلك المناطق لا تحقق أي مكاسب للدولة، وبها عمليات تهريب كبيرة يصعب السيطرة عليها وفقا لتصريحات أعضاء الحكومة".لكن عضوة اللجنة الاقتصادية ثريا الشيخ ترى أن إلغاء المناطق الخاصة ليس الحل.وقالت لـ "رويترز": "إذا كان لدى الحكومة تخوف من عمليات التهريب فعليها تشديد الرقابة والحوكمة على تلك المناطق".ويرى المنير أن المناطق الحرة الخاصة لم تؤت ثمارها على مدى 45 عاما.وقال: "في حالة استمرار المناطق الخاصة لابد من وضع ضوابط ومعايير للحوكمة والرقابة للتأكد من تحقيقها للغرض الذي أنشئت من أجله وهو التصدير للخارج وعدم إساءة استخدام تلك المناطق في التهرب الجمركي".ومن الحوافز المقترحة في قانون الاستثمار الجديد تحمل الدولة للقيمة التي دفعها المستثمر لتوصيل المرافق إلى المشروع الاستثماري أو جزء منها.كما تتضمن الحوافز تحمل الدولة جزءا من تكلفة التدريب الفني للعاملين ورد نصف قيمة الأرض المخصصة للمشروعات الصناعية في حالة بدء الانتاج خلال عامين من تاريخ تسليم الأرض.وقال مسؤول حكومي آخر لـ "رويترز"، طالبا عدم نشر اسمه إن القانون الجديد يمنح الوزير المختص بشؤون الاستثمار صلاحيات تقيد سلطة وزراء آخرين، وهذا ما يرفضه بقية الوزراء.وهاجم التعديلات قائلا: "ما تم لا يسهل الاستثمار، بل يزيده بيروقراطية".