في ظلّ غياب الرقابة على المصنفات الفنية في مصر وانتشار القنوات الفضائية، تمكّنت أم تملك شركة إنتاج من تصوير كليب غنائي «الواد ده بتاعي... اسمه على دراعي» لابنتيها أقل ما يقال عنه إنه انتهاك لبراءة الأطفال بالمقاييس كافة، بل كان الأكثر استفزازاً ظهورها على شاشات التلفزيون تدافع عن اختيارها الكلمات، مؤكدة أنها لا تتاجر بطفلتيها، وترفض ما يردده النقاد والفنانون من اتهامات حول ما يحمله الكليب من إيحاءات جنسية. والطريف أنها أكّدت أنها ستعاقب ابنتها إذا اكتشفت مثلاً أنها تقول لزميلتها «الواد ده بتاعي».تشير الناقدة الفنية ماجدة خيرالله، إلى أن ثمة مئات من الأغاني اعتمدت على الأطفال والألفاظ الخادشة للحياء وأصبحت منتشرة، وعلى مدار السنوات تظهر كليبات تحمل إيحاءات مختلفة، وسيستمر إنتاج هذا النوع من الأغاني إلى أن يرتقي الذوق العام ويصبح انتقائياً.
وتضيف ماجدة لـ{الجريدة» ألا علاقة للرقابة الفنية بالسماح بانتشار أغنية الطفلتين أو غيرها من آلاف الأغاني المشوهة شكلاً وموضوعاً، خصوصاً أن دور الرقابة مسؤولة عن أي عرض عام يذاع على شاشات الفضائيات التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون أو دور العرض السينمائية في مصر، في ما عدا ذلك من المستحيل السيطرة على قنوات فضائية في قطاع يشهد يومياً «ولادة» شاشة جديدة. كليب مريم وشهد ليس الأول من نوعه الذي يستغل الأطفال للمشاركة في مادة فنية لا تليق بهم، وهنا تشير الباحثة في مجال الثقافة الشعبية منى عمر، إلى أنه بشكل فني ونقدي ثمة ترحيب كبير بالأغاني الشعبية، خصوصاً أن الفن حق يستطيع الجميع ممارسته، تحديداً أغاني «المهرجانات» التي تعتبر أسلوباً خاصاً بتلك الشريحة من المجتمع تعبِّر عنهما وتتناول مشاكلها الاجتماعية.ولكن تؤكد منى أن أغنية «الواد ده بتاعي» خرجت عن السياق العام بالمقاييس كافة، وتعتبرها جريمة في حق الطفلتين، لما فيها من استغلال لهما والاستعانة بهما في مادة فنية لا تليق ولا تعبِّر عن عمرهما الصغير، خصوصاً آخر مشهد في الأغنية الذي جسد الطفلة ترتدي فستان زفاف ومعها طفل، ما يعد كارثة تروِّج للزواج المبكر.
رأي الفن والرقابة
من وجهة نظر فنية، قال المؤلف الموسيقي عزيز الشافعي: «منذ القرن الماضي ظهرت أغان من التراث الشرقي تحمل كلمات وإيحاءات تعتبر خادشة للحياء، لذلك أرى أن أزمة الكليب أن طفلتين قدمتاه، وهو ما يعد انتهاكاً واضحاً لطفولتهما».أما من الناحية الرقابية، يستكمل عزيز أنه يعتبر وضع رقابة على المحتويات الفنية بأشكالها فكرة بالية ولا تفزر الفن الراقي، إضافة إلى أنها لن تستطيع وقف المحتوى الفني الهابط، تحديداً في كليب مريم وشهد. يتابع: «أرى أن من يجب مساءلته قانونياً هو من أنتج ذلك المحتوى وليس المؤلف والملحن، ثم يأخذ القانون مجراه في ما يتعلّق بقانون حماية الطفل من الاستغلال».انتقل الجدل على مواقع التواصل بعد انتشار الكليب خلال ساعات قليلة من عرضه على إحدى القنوات الشعبية، ودُشِّن «هاشتاغ» يحمل اسم الأغنية ويتبعه هاشتاغ يطالب بتقديم جميع المشاركين في العمل إلى المساءلة القانونية، على رأسهم الأم المنتجة، فيما اعتبر البعض أن الكليب ليس الأول من نوعه في استغلال الأطفال وليس الأسوأ وسط مئات الأغاني الشعبية التي اجتاحت عالم الأغنية باعتبارها شكلاً جديداً من «الفن».