في شهر يوليو الماضي، تلقى تومي ويلز وهو مدير إدارة الطاقة والبيئة في مقاطعة كولومبيا النسخة النهائية من تقرير كان قيد الإعداد لأكثر من سنة.

ويتمحور التقرير حول كيفية جعل واشنطن أول مدينة كبرى بالولايات المتحدة تفرض ضريبة كربون. وطرحت الوثيقة التي تقع في 51 صفحة إطار عمل لفرض ضريبة على انبعاثات غازات بيوت الدفيئة

Ad

(الاحتباس الحراري) بشكل يتماشى بصورة تقريبية مع تكلفة ما تلحقه من أضرار بيئية، ومن ثم إعطاء العوائد المقدرة بنحو 200 مليون سنوياً إلى دافعي الضرائب.

وعلى أي حال، لم يتم نشر التقرير، ولم يقدم حتى إلى المجلس البلدي ولكن بلومبرغ حصلت على نسخة منه. وقال ويلز في بيان له، إن الوزارة « ليس لها مصلحة في تحسين أو تطبيق ضريبة كربون». وقد يكون تقليد واشنطن في تبني قضايا ليبرالية جعلها تبدو مرشحة جلية لفرض ضريبة كربون. وفي حقيقة الأمر حتى مع بدء دونالد ترامب بتفكيك الأنظمة الفدرالية الهادفة إلى الحد من الانبعاثات الغازية، فإن ضريبة الكربون تكتسب دعماً من جانب أوساط محافظة.

السياسة وضريبة الكربون

دخلت ضريبة الكربون ميدان السياسة الوطنية في الولايات المتحدة لأول مرة في مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما اقترح الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون فرض ضريبة على الطاقة وتصدر ذلك اقتراح نائبه آل غور.

وما أعقب هذا كان هبوطاً طويلاً وبطيئاً في الحماسة بين ديمقراطيي الوسط. وبحلول الانتخابات التمهيدية الرئاسية في سنة 2016 أكد السناتور بيرني ساندرز ابتعاده من خلال الدعوة الى فرض ضريبة كربون.

وحافظت هيلاري كلينتون على عدم التزامها (وقد وصف مدير حملتها الانتخابية تلك الفكرة بالقاتلة).

التراجع الفدرالي المتعلق بالمناخ دفع المدن والولايات الى التفكير في الخطوات التي يمكنها القيام بها بنفسها، وينظر المشرعون في سبع ولايات على الأقل في قضية ضريبة الكربون.

وعلى أي حال، ومع دراسة مزيد من السلطات لمقترحات فعلية، فإن صعوبة ضمان الموافقة على تلك الضريبة – سواء من المشرعين أو الناخبين – غدت جلية بازدياد.

وفي الولايات التي لا تزال مشاريع قوانين ضريبة الكربون معلقة فيها – بما في ذلك ماساشوستس ونيوهامبشير ونيويورك – خرج مشروعا قوانين فقط من اللجنة، بحسب المؤتمرالوطني لمشرعي الولاية. وفي ولاية واشنطن اعترض 59 في المئة من الناخبين في شهر نوفمبر الماضي على مبادرة اقتراع من شأنها استخدام عوائد ضريبة الكربون لتعويض الهبوط في المبيعات وضرائب الشركات.

وفي واشنطن منحت الحكومة في سنة 2015 عقداً الى مركز المناخ وحلول الطاقة الذي يديره نائب الإدارة السابق لوكالة حماية البيئة بوب بيركياسيبي للتقدم بمخطط أو برنامج عمل.

وأوصى التقرير الذي قدمه فريق بيركياسيبي الصيف الماضي بالتركيز على استخدام الطاقة في أبنية المدينة التي تعد 128000 بناية (بما فيها عقارات فدرالية) والتي تشكل 75 في المئة من انبعاثات غازات بيوت الدفيئة في واشنطن.

ويأتي معظم البقية من المواصلات، التي دعا التقرير إلى استثنائها من الضريبة لأن العديد من سائقي المنطقة يشترون البنزين من خارج المقاطعة.

وأوصى التقرير ببدء الضريبة عند 45 دولاراً لكل طن من الانبعاثات – وهو ما يقارب المعدل الذي احتسبته الحكومة الفدرالية للضرر الناجم عن تلك الانبعاثات والذي يطلق الاقتصاديون عليه التكلفة الاجتماعية للكربون. وسوف تتم إعادة الأموال، التي يتم تحصيلها إلى العامة عن طريق تخفيضات ضريبية أو حسم.

ويقول ويلز إن المدينة لم تمض قدماً لأنها طبقت ضريبة إضافية أخرى على مشاريع قوانين المنشآت بغية تمويل منح لمشاريع الطاقة الشمسية وكفاية الطاقة، وهو يجادل في أن هذه وسائل أكثر فاعلية لخفض أثر الكربون في واشنطن من الاعتماد على الأسعار من أجل تغيير استهلاك الطاقة. ويضيف: «ما لاتفعله ضريبة الكربون هو أنها لا تعيد الاستثمار بصورة مباشرة».

نشطاء المناخ المحافظون

يقول نشطاء المناخ المحافظون، إن الحل الذي فرضته حكومة المدينة كان خاطئاً، وإن القوى التي تعتمد على السوق في ضريبة الكربون أكثر فاعلية في خفض انبعاثات غازات بيوت الدفيئة. ويرى إيلي ليهرر، وهو رئيس معهد آر ستريت للفكر الذي يدعو إلى حكومة محدودة، ان «الحل الذي ارتكزت واشنطن عليه يبدو هادفاً بقدر أكبر إلى الحفاظ على آيديولوجية التوجه نحو التخطيط مما ستكون عليه ضريبة الكربون الحيادية الدخل».

وكتب دونالد ترامب خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة في تدوينة يقول، إنه «لن يدعم أو يصادق على ضريبة كربون». لكن ليس كل شخص في دائرته يشاركه وجهة النظر هذه. وقد أيد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ضريبة الكربون عندما كان رئيساً تنفيذياً لشركة اكسون موبيل وكذا الحال بالنسبة إلى رئيس شركة «تسلا» ايلون ماسك وهو المستشار غير الرسمي للرئيس ترامب.

ويدفع تيد هالستيد وهو مؤسس مجلس قيادة المناخ الذي يضم مجموعة من الجمهوريين البارزين، وقد اجتمع مع مستشاري ترامب في شهر فبراير يدفع إلى شيء قريب تماماً من الأسلوب الذي ورد في تقرير واشنطن: فرض ضريبة قدرها 40 دولاراً على طن انبعاثات الكربون وإعادة الأموال الى العامة عن طريق الخصم أو ما يدعوه «إيراد الكربون» ويخطط لنيل دعم كبريات الشركات لهذا الهدف.

وتقول أديل موريس، وهي مديرة السياسة للمناخ واقتصادات الطاقة في معهد بروكنغز، إن الاهتمام المتزايد في أوساط المحافظين يعكس، بين أشياء أخرى، الرغبة في الحفاظ على قيادة أميركا في مكافحة الاحتباس الحراري مع تفتت أنظمة المناخ، التي وضعها الرئيس باراك أوباما» وأنا أظن أن بعض المحافظين يرون فرصة من أجل رسم أجندة إيجابية لتغير المناخ في الحزب الجمهوري – وقد يتملكهم القلق أيضاً من الخطر الذي يتعرض له الحزب نتيجة استمرار التعطيل والإنكار».