بالعربي المشرمح: اللعبة السياسية... غير!
أبدى البعض استغرابه من مقالي الأخير الذي وصفت فيه خطاب مسلم البراك الأخير بأنه خطاب سياسي ووطني، ولكي أنفض الغبار عمن لم يقرأه بعين سياسية وعقل حكيم فإن ما جاء في هذا خطاب هو ما كنّا ننادي به منذ سقوط حكومة ومجلس 2009 حين كانت القوة والمبادرة بيد المعارضة، ولكن دون جدوى أو أذن صاغية.وهنا أودّ أن أوضح أن هناك فرقاً شاسعاً بين اللعبة السياسية وقواعدها والعبث السياسي المغلف بالعمل البرلماني، ومن يعتقد أن المعارضة منذ تراجعها عن مبدأ المقاطعة قد بدأت تلعب سياسة فهو مخطئ بل أجزم أنها مازالت تتخبط وتعبث بالعمل السياسي والوطني، فتراجعها عن مبادئها وقراراتها السابقة ومطالبها لم يكن وفق القواعد السياسية ولعبتها ليتفاوض من خلالها طرفا الصراع لتحقيق مكاسب فيما بينهما فيتنازل كلاهما للآخر عن مطلبٍ ما مقابل حصوله على مطلب.مشكلة المعارضة أنها فقدت الفرصة أو الفرص التي كانت بيدها حين كانت في قوتها، فاختارت اللعبة الانتخابية ورفضت رفضاً قطعياً قواعد اللعبة السياسية ومبدأ التفاوض مع الحكومة وكانت تصر على مطالبها بشكل عبثي يرضي قواعدها الانتخابية دون أن تدرك قواعد اللعبة السياسية، حتى بلغت ما بلغته من ضعف، ففقدت كل أوراقها وخسرت رصيدها الشعبي، بل خسرت كل مطالبها فخضعت مؤخراً للواقع لتستجدي التفاوض مع خصم يملك كل أوراق اللعبة السياسية، ومن المستحيل أن يقبل التنازل عن أي مكسب قد حققه أو الاستغناء عن أي سلاح نجح به في إخضاع خصومه أو قبول أي مطلب للمعارضة، وهو الأمر الذي على أساسه تكون اللعبة السياسية، حيث تكافؤ طرفي الصراع، الأمر الذي لا يمكن معه وصف مشاركة المعارضة في الانتخابات باللعبة السياسية وتبرير قبولها كل ما تمليه عليها السلطة وحلفاؤها بحجج لم يتحقق منها شيء حتى يومنا هذا، فلا الجناسي المسحوبة عادت، ولا صدر عفو عام عن سجناء الرأي، ولم تلغَ القوانين المجحفة بحق المواطنين كالبصمة الوراثية وحرمان المسيء والبنزين والكهرباء والماء، ولم يعدل قانون الجنسية وغيرها من التشريعات التي صدرت منذ إبطال مجلس 2012 ، بدليل أنها تتعهد بتحصين الحكومة من المساءلة السياسية رغم كل الفساد الذي تقره الحكومة علناً.
يعني بالعربي المشرمح:
مازالت المعارضة تُمارس العبث السياسي ونفس الأخطاء التي سلكتها في السابق بحجج مختلفة، فمازالت لا تعرف طريقاً للعبة السياسية وقواعدها، بل حتى صفقاتها التي يتحدث عنها البعض هي صفقات انتخابية ولحماية شخوصها، ولا علاقة لها بالمطالب المعلنة أو بقواعد اللعبة السياسية، لذلك على المعارضة أن تعمل لاستعادة قوتها مستثمرة وجود من يمثلها في المجلس ليمكنها إعادة التوازن، لتتمكن من ممارسة اللعبة السياسية وفقاً لمفهوم «عطني وأعطيك»، لا كما نراه «أعطيك لكي أرضيك»!