هو مرض يصيب كل من يرى الكمال محصوراً في أشياء مادية، بحيث يبجل المصاب به أصحاب الجيوب الممتلئة، ويهمش في عينيه كل من لا تبدو عليه سمات «الهاي كلاس»، ويصير لديه كل من تبدو عليه مظاهر «النعمة» بكل تأكيد «كشخة»، وكل من يبدو أقل من ذلك في نظره «هيلقي». ودون قصد منا، ترسخت تلك المفاهيم والصور في أذهاننا، وصرنا بطريق أو بآخر نؤمن بها بشدة، وللأسف فقد ساهمت هذه التصنيفات «البالية» كثيرا في خلق مجتمع قشري غير ناضج، فانتقل فيروس «الفشخرة» إلى أطفالنا، وصار منهجا نربيهم على أساسه، بحجة أننا لا نريد التقصير أو التقتير عليهم.
وكلما زادت عقيدة «حب المظاهر» فقد المرء الشعور بما لديه من نعم وقيمة الأشياء من حوله، ليتحول تدريجياً إلى كائن غير مسؤول! ومن يتأمل حوله فسيجد أن العالم صار مهووساً بـ»الماركات»، إلى حد القرف، حتى صرت شخصياً أكره كل ما يتهافت عليه الناس بهدف استعراض «النعمة»، ورحم الله سقراط عندما قال: «تكلم حتى أراك»، غير أن الحال تبدل الآن إلى «تزقرت حتى أراك»، وبدلاً من أن تصنف تلك الأشياء على أنها كماليات ثانوية غير مهمة، باتت الآن ضرورة بحتة تدخل ضمن خانة الأساسيات اللازمة للمضي في هذه الحياة، حتى كبر أصحاب هذه المدارس أو صواحبها لـيصرن «فاشنيستات «، فمن قال إن العلم سلاح لا يهزم؟ أضحت «شياكتك» الآن مصدر رزقك، حتى إنها ترفعك درجات لا ترفعك بها أكبر شهادة للأسف، وتحولت العيون إلى عقول، بحيث تنظر ولا تفكر، وغدت الثقافة في نظرهم «دقة قديمة» لا تليق بساعاتهم الباهظة! والمضحك المبكي أن أكثر أولئك المتباهين «المتفشخرين» لا يجيدون نطق أسماء العلامات التجارية بصيغتها الصحيحة، غير أن ذلك لا يهم، فالأهم هو امتلاكها، ومن ثم التباهي بها... لا بأس من الاهتمام بالنفس، لكن هوس امتلاك سيارة «فارهة» وساعة «غالية» وحقائب وأحذية «ثمينة» هو ما ينتقص من قيمتك الذاتية دون أن تشعر. ربما يعجب بذلك من هو في مثل نقصك، لكنك لن تثري بأشيائك عقولاً ناضجة واعية، فكن أنت ذاتك، اصنع لنفسك «ماركة أخلاقية « تزينك وتبهر بها من حولك، واستعذ بالله أن تعاني من داء «الاستعراض» الذي يصنع منك شخصاً «إمعة « تابعاً وغير مبتكر، فالرقي يا أهل الخير، يكمن في أن يكون الإنسان هو ذاته في زمن أضحى الكل فيه متشابهاً ومصطنعاً.
مقالات - اضافات
متلازمة «الفشخرة»!
06-05-2017