الكويت بين الواقع والحلول
تعيش الكويت مرحلة مخاض سياسي سهل لمن يريد الاستقرار، وصعب لمن يريد استمرار العراك السياسي والخلاف الذي صنعه فساد إداري ومالي، فالحياة مراحل، ولكل إنسان مرحلة من تلك المراحل تحكمها ظروفها وأدواتها، والكويت كما قال أمير القلوب الشيخ جابر رحمه الله، كالزجاجة وسط محيط ملتهب تموج فيه عواصف هائجة.فهي بحاجة لرجال دولة لا إلى رجال يسيرون بالتلقين أو بريموت يحركه تاجر جشع يملك أدوات فساد من إعلام ومغردين، أو مسؤول سابق فاسد وفاشل، ولنبتعد عن المصالح الشخصية، ولنعمل لوطن آمن ومستقر ومزدهر، لأننا وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيه عجلات الكويت تدور للخلف بسبب فساد مالي وإداري وشخصنة الخلافات، فتأخرنا في كل شيء.في الماضي، كنا درة الشرق وجوهرة الخليج متقدمين على كل محيطنا العربي بعشرين عاماً، والآن كل محيطنا تخطانا بالنهضة والازدهار، وهذا من أسبابه الحسد، فقد وردتني معلومة بأن مخطط جبل علي كان دراسة اقتصادية كويتية تم إقرارها في عام 1968، إلا أن الحسد بين التجار أوقفه، فكل يريد أن يستفيد من تنفيذه.
وخلال ست سنوات في العراك الذي يسميه غيري «حراكاً سياسياً» تراجعت الكويت في كل الأمور، انظروا للتقارير الدولية وتصنيف الدولة في التعليم والصحة والبنية التحتية، وما نتج عنها من مشاكل اجتماعية وبطالة كبيرة في بلد غني، ومشكلة الإسكان إذ يوجد أكثر من 120 ألف طلب إسكاني، وفي الرياضة كنا الرواد خليجيا وآسيويا والآن نحن موقوفون رياضيا، فالاهتمام بالنشء الذين يعدون نواة الدولة سكانيا واقتصاديا وأمنيا مهم، لأنهم الثروة الحقيقية لكل وطن، ولأنهم المستقبل، فكيف لدولة صندوقها السيادي عدة مئات من المليارات تفكك البطالة فيها الأسرة وتوفر مناخاً وأرضية خصبة للجريمة؟وأسباب المشكلة كما أراها:١- الإقصاء باتباع سياسة إن لم تكن معي فأنت ضدي، وهذا دمار شامل للبلاد والعباد. ٢- الفساد الإداري والمالي الذي حدثت بسببه تلك المشاكل، وسمو الأمير حفظه الله ورعاه، قال إن «فساد البلدية ما تشيله بعارين». فإذا كان فساد البلدية ما تشيله بعارين فكيف بباقي الوزارات والهيئات والإدارات الحكومية الأخرى؟ يعني يغطي محيطات ولا تشيله حتى المحيطات.٣- السبب الأهم هو سيطرة المال، فالتاجر لا يرسم السياسة العامة للدولة، ولكن همه رصيده وزيادة أرباحه فيدفع بيسراه الفتات لمكاسب سياسية ويقبض بيمناه ثروات طائلة. ٤- غياب الشفافية في الأداء الحكومي والتشريعي لدرجة أن هيئة الفساد تحتاج هيئة تراقب فسادها، وهذا ما سمعناه من وزراء ونواب حاليين لا سابقين، فـ«من لسانه أدين»، وفي القانون «الاعتراف سيد الأدلة». ٥- غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة، فتتخذ قرارات وتتراجع عنها، أو تتلقى تعليمات من التجار واتحاد المصارف واتحاد العقار تحديداً. وهناك أسباب كثيرة أوجزنا أهمها وأقواها تأثيراً في البلاد والعباد، والحل هو ما يراه الشعب الكويتي لا كما ينشده تاجر متمصلح أو مسؤول فاشل، والكويتيون لا يختلفون على ذرية الحكم ممثلة بذرية مبارك الكبير، وهذا خط أحمر لكل كويتي، فهذا عقد بيننا وبين أسرة الخير. ومن أهم الحلول: ١- الكويت وطن الجميع وتتسع لكل الطوائف والأطياف، والفرق بين المواطنين لا ينبغي أن يكون إلا بمدى الإخلاص والصدق للكويت. ٢- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ٣- وضع قانون انتخابي عادل، فليس من المعقول أن تكون لدينا دائرة يصوت فيها 50000 وأخرى 135000، فالتراجع السياسي عن قرار خطأ ليس نهاية العالم بل فضيلة، بدليل كلام السادات وخطواته التي نفذها ثم ندمنا عليها. ٤- استقلالية القضاء استقلالية تامة بميزانيته وإدارته، وموظفوه جميعهم في وزارة العدل تحت سلطة وكيل الوزارة والوكلاء المساعدين إداريا، وهذا طبقا للدستور، لأن الوضع الحالي مخالف لنص الدستور «سلطة قضائية سلطة تشريعية، سلطة تنفيذية» يرأسها جميعاً صاحب السمو يحفظه الله.٥- إن كنا نريد ديمقراطية بالمعنى الصحيح فلنعدل الدستور بعدم تصويت الحكومة في مجلس الأمة، لأنها حالياً تملك الثلث، وهذا الثلث معطل لكل إصلاح سياسي. هذا وضعنا باختصار، فإن كنا صادقين فالنوايا قبل الأعمال، وما يعلم النوايا إلا الله، وفي الختام حفظ الله الكويت وشعبها من كل سوء ومن كل مكروه.