إلى مسلم البراك بعد أن هدأت الأوضاع: سعدنا كما سعد أغلب أهل الكويت بخروجك من سجنك، مرفوع الرأس كما وعدت، لم يزدك السجن إلا إصراراً، وساعات الحبس إلا قوة، سجن التاريخ سجانك كما قلت، فلا أحد يستحق أن يسجن من أجل رأي مهما كان، قدرك الذي اخترته بنفسك أن تكون قائدا للمعارضين في هذا الوقت، وأنت تتبوأ هذا المنصب وأن تكون بهذه المنزلة، شرف يأتي معه الكثير من المسؤولية فماذا بعد؟ وما القادم؟

لن نذكر في هذا المقال مواضع اختلافاتنا معك بتاريخك الطويل في المجلس، فهذا ليس وقته ولا مكانه، لكن سنذكر شجاعتك بالتصدي للكثير من الأشخاص، وسنذكر وقوفك صلبا شامخا في العديد من المواقف، لذلك أكتب هذا المقال لك من باب النقد البناء والتعلم من أخطاء الحراك السابق، فكلنا نشترك بالهدف نفسه، من محاربة الفساد ومحاولة خلق غدٍ أفضل، فلا خير فينا إن لم نقلها.

Ad

يجب أن يتخلص الحراك فورا من وجوه الطائفية والقبلية والفساد، فإن صح الأساس صح البنيان، وإن بعض من معك «يا بوحمود» تنبعث منهم رائحة الطائفية وتاريخهم حفِل بها، فكيف تصنع حراكا يجمع الكويتيين جميعا إن كان بعض من يتصدر المشهد معك طائفيا؟ وكيف يتحدث عن الفساد والأموال التي تخرج من الحكومة أو من يمثلها وفي الحراك من يعترف بحصوله على شيك من رئيس الوزراء السابق؟ وكيف يكون في الحراك من فاضت صحيفته بمعاملات الواسطات لمن يشاركه الدم والأصل، وقد خرج من رحم الفرعيات؟ بل كيف يكون في الحراك من تاريخه مهادن للسلطة، وهو ليس إلا معارضا طارئا عاد أو سيعود قريبا لأحضانها مرة أخرى؟

«يا بوحمود» إن تكرار التجربة بالمعطيات نفسها وتوقع نتائج مختلفة ليس إلا ضربا من الجنون، لذلك كلنا أمل أن يتم تغيير معطيات الخطاب السياسي من إطلاق الكلام بالعموميات إلى التحدث بالأرقام والأدلة، ومن الأهداف الإنشائية الواسعة الفضفاضة إلى الرؤية التفصيلية الواضحة، ومن العمل العشوائي إلى المنظم، ومن التخوين إلى دعوة الجميع للاشتراك على بنود واضحة وأهداف محددة.

إن المرحلة القادمة صعبة، والحريات في تناقص، والأموال تصرف بطريقة غريبة، والمواطن حائر؛ لذا «غربل» الحراك «يا بوحمود» فالعدد ليس مهماً والتاريخ مليء بالعبر والأمثلة.