في تأكيد لخبر "الجريدة" عن خطة أميركية لتأمين ما يسمى خط التجارة بين الخليج وأعالي الفرات، أي عملياً تأمين خط من أقصى جنوب العراق مروراً بالأنبار ثم الموصل وصولاً إلى تركيا، كشفت وسائل إعلام أميركية أمس، عن مباحثات بين واشنطن وبغداد لإبقاء القوات الأميركية في العراق بعد القضاء على تنظيم "داعش"، خصوصاً داخل القواعد العراقية الحالية، في خمسة مواقع على الأقل بمنطقة الموصل وعلى طول الحدود العراقية مع سورية.

وتحدثت شبكة "اي بي سي نيوز" ووكالة "أسوشيتيد برس" الأميركيتان عن هذه الخطة، التي تتضمن استمرار الوجود الأميركي العسكري على شكل مستشارين ومدربين من الجيش الأميركي.

Ad

ونقلت "أسوشيتد برس" عن مصادر رسمية في واشنطن وبغداد، القول، إن "لقاءات عدة عقدت بين ممثلين عن إدارة ترامب ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لبحث إمكانية بقاء القوات الأميركية في العراق حتى بعد دحر داعش".

ونقلت الوكالة عن المصادر، التي لم تسمها، قولها إن "المباحثات بهذا الشأن لا تزال مستمرة"، مشيرة إلى أن "هناك توافقاً بين الحكومتين بشأن الحاجة لوجود القوات الأميركية في العراق على المدى الطويل لضمان أمن البلاد".

وحسب وسائل إعلام أميركية، فقد شارك في هذه المباحثات وزير الدفاع جيمس ماتيس.

وفي الوقت الحالي، يوجد نحو 7 آلاف عسكري أميركي في العراق لأغراض التدريب وتقديم الاستشارات والمشاركة في جهود التحالف الدولي ضد "داعش".

مكتب العبادي

من ناحيتها، نفت الحكومة العراقية أمس، إبرام أي اتفاق مع الولايات المتحدة على ترخيص وجود عسكري للجيش الأميركي في العراق خلال المرحلة المقبلة.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان: "نؤكد أنه لا وجود لقوات مقاتلة مِن أي دولة على الأراضي العراقية حتى يتم البحث في بقائها من عدمه، بل يوجد مدربون ومستشارون وخبراء من عدد من الدول"، مبيناً أن "الحكومة العراقية لم تتفق مع أي دولة بصدد دورها العسكري مع العراق لمرحلة مابعد النصر الحاسم على الإرهاب".

وأضاف المكتب، أن "النصر تحقق بأيادٍعراقية خالصة وببطولات وتضحيات العراقيين، وأن الحكومة العراقية لديها الخطط والاستراتيجيات لتطوير قدرات قواتنا الأمنية من خلال التدريب والتسليح لرفع الجاهزية لمواجهة التحديات المقبلة، وهي منفتحة مع كل الخبرات الدولية، وبما يلبي طموح العراق في بناء مؤسسة عسكرية وأجهزة أمنية تتمتع بالجاهزية الكاملة لمواجهة أي تحديات أمنية مستقبلية خارجية كانت أم داخلية، وبما يتوافق مع مقتضيات السيادة الوطنية العراقية".

وتنص الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق وواشنطن على التزام أميركي بالدفاع عن العراق عند الحاجة، وحين تطلب الحكومة العراقية منه ذلك. وتقول الاتفاقية، إن الدعم العسكري الأميركي لبغداد يتضمن أشكالاً مختلفة مثل تسهيل صفقات التسلح وتدريب القوات. ويشير مراقبون إلى أن الأميركيين قد يبقون سنوات في العراق تحت بند التدريب أو تحت بند المستشارين.

ورأى مراقبون أن إشارة العبادي إلى أن وجود الجنود الأميركيين كمستشارين هو إشارة ذات مغزى إلى إيران التي اعتمدت هذه الصيغة لإرسال مقاتليها إلى بغداد وأيضاً إلى سورية.

حلفاء طهران

وشهدت محافظة الأنبار المحاذية لكل من سورية والأردن والسعودية، هجمات ضد وحدات الجيش العراقي وقوات الحشد العشائري، على الطريق الدولي الرابط بين بغداد والأراضي الأردنية، وخلال الأيام الأربعة الماضية سقط نحو مئة جندي بين قتيل وجريح قرب الحدود مع الأردن وسورية، حيث تعرضوا لهجمات تنفذها مفارز "داعش"، التي تأخذ شكل وحدات كوماندوز قليلة العدد وخفيفة الحركة، تتنقل بين سورية والعراق في طرق صحراوية معقدة وتقطع أحياناً 400 كيلومتر في ممرات ترابية يعرف المهربون القدامى فقط خرائطها بين الوديان ومسارات السيول الموسمية وخنادق الجيش العراقي السابق.

وتقول مصادر عسكرية، إن مراقبة تحركات "داعش" في هذه المنطقة تحتاج ما لايقل عن 70 ساعة طيران جوي كل يوم، بينما المتاح حالياً أقل من نصف هذه المراقبة، وذلك لإنشغال الطيران بمعارك الموصل.

وأدى نقص الحماية والدعم لوحدات الجيش في صحراء الأنبار، إلى ظهور انتقادات نيابية واسعة لحكومة حيدر العبادي، خصوصاً أن معظم الجنود القتلى من شيعة الجنوب، ما يدفع الميليشيات المقربة على طهران إلى استغلال الأمر سياسياً، والمطالبة بالسماح لهم بالاقتراب من حدود الأردن وسورية، وهو طموح إيراني تحاول واشنطن الحؤول دون تحققه.

وتحاول "داعش" أن تضرب في الأنبار وأيضاً قرب مسقط رأس صدام حسين في تكريت، كنوع من الثأر لهزائم قاسية تعرضت لها في الموصل، لكن هناك من يحاول أن يربط بين نشاط التنظيم المتطرف غرب البلاد، وقرب تسلم شركات أميركية كبرى لمسؤولية تأهيل وحماية الطريق البري الرابط بين موانئ الخليج العربي وطرق الأردن والشام وتركيا، وهي خطة طموحة لرسم إدارة تجارية وأمنية جديدة في عموم المناطق المحررة من التنظيم المتطرف كما يبدو، الأمر الذي يثير غضب طرفين أساسيين: "داعش"، وحلفاء طهران وموسكو.

المرجعية

في سياق متصل، احيت المرجعية الشيعية العليا أمس، في العراق ذكرى إصدار المرجع السيد علي السيستاني قبل ثلاثة أعوام فتوى "الجهاد الكفائي" لقتال داعش، التي تطوع بموجبها آلاف الشيعة معظمهم ينتمون إلى ميليشيات شيعية مسلحة ممن شكلوا "الحشد الشعبي" المثير للجدل.

وخلال خطبة صلاة الجمعة بالصحن الحسيني في كربلاء، دعا ممثل المرجعية الدينية في كربلاء الشيخ عبدالمهدي الكربلائي إلى "مزيد من التنسيق والتعاون بين القوات المشاركة في القتال لتطوى سريعاً الصفحات الأخيرة لتحرير نينوى، التي دفعت ثمناً كبيراً جراء العصابات الإرهابية".

علاوي

إلى ذلك، كشف أياد علاوي نائب الرئيس العراقي أن قائداً في "الحشد الشعبي" توجه إلى إيران لمناقشة موضوع نازحي بلدة "جرف الصخر" جنوب بغداد الذين تمنع السلطات العراقية عودتهم إلى ديارهم منذ ثلاث سنوات.