هل يصلح الجسار أخطاء ربع قرن في ديوان الخدمة؟

التوظيف والبطالة والبيروقراطية والمركزية والهياكل الإدارية والرقابة... ملفات تنتظر الحسم

نشر في 05-05-2017
آخر تحديث 05-05-2017 | 21:30
من الإصلاح وتعديل أخطاء العهد السابق، يبدأ م. أحمد الجسار مهامه ورحلته الجديدة في منصب رئيس ديوان الخدمة المدنية، حيث تنتظره ملفات عديدة، ومسؤوليات جسام، وقضايا حاسمة للبت فيها، وتغيير منهجية ربع قرن ماضية من عمر الجهاز، حيث انه خلال الـ25 عاماً الماضية يعاني البيروقراطية والمركزية، وتراكم أعداد طلبات التوظيف، التي باتت تهدد أحلام الشباب في غد أفضل.

التقليل من نسبة البطالة المقننة، وتخفيض فترة انتظار المسجلين في نظام التوظيف، والعمل على توجيه المواطنين نحو القطاع الخاص أبرز المطالب والأولويات، بالإضافة إلى تأهيل الموظفين وتطوير أدائهم، بما يتناسب مع توجهات برنامج الحكومة الإلكترونية والتنمية البشرية، وكذلك الإصلاحات الإدارية في الجهات الحكومية، وتعديل الهياكل الإدارية، وإحكام الرقابة على المؤسسات الحكومية الأخرى.

فتح صفحة جديدة عنوانها الإصلاح وتعديل الأخطاء، مطالب ورسائل وجهها نواب وعاملون في ديوان الخدمة ومواطنون إلى الرئيس الجديد، عبر استطلاع أجرته "الجريدة" حول ما هو المطلوب من الجسار؟

في البداية، قال رئيس اللجنة التشريعية البرلمانية النائب محمد الدلال، إن "الجميع يتطلع إلى أن يتخذ رئيس ديوان الخدمة المدنية الجديد موقفاً جريئاً في تطوير الديوان، لاسيما انه يعاني تراجعاً في دوره بشكل عام، وهناك قصور في تأجيل وتدريب وتطوير موظفي الدولة للقيام بأهداف خطة التنمية.

وذكر الدلال أن من أهم المتطلبات التي لابد أن يتحلى بها الرئيس الجديد قدرته على مواجهة الصعاب والعقبات، وأي طريق يعوق عملية التطوير والإصلاح الإداري، مؤكداً أنه سيكون هناك تقييم لدور رئيس الديوان بعد فترة من الزمن، ورؤية تعامله مع التحديات المواجهة لهذا الجهاز، وكيف يمكن جعله من الأجهزة الأساسية في الحوكمة والتطوير الإداري والترشيد.

وتابع الدلال: "نحن لسنا على رضا تام بالوضع الحالي الذي يعانيه الديوان"، متمنياً التوفيق لرئيس ديوان الخدمة المدنية الجديد في مهمته الأساسية الموكلة إليه".

النادي السياسي

من جهتها، عبّرت عضوة ومقررة لجنة الميزانيات في مجلس الأمة صفاء الهاشم عن استيائها من طريقة اختيار الحكومة لقيادة الأجهزة الحساسة، قائلة إن "عملية الاختيار تتم من نفس النادي السياسي، ونفس الوجوه القديمة المثار حولها لغط واستفهامات كبيرة، رغم أن الجميع اعتقد أنه بعد تقاعد الرئيس القديم لديوان الخدمة ستأتي الحكومة بوجه جديد ورؤية تنسف البيروقراطية المقيتة التي عاناها هذا الجهاز طوال الأربعين سنة الماضية من سيئ إلى أسوأ"، مؤكدة أنها ليس بينها وبين الرئيس الجديد أي خلافات، ولكن من الخطأ اختيار قيادي فشل في إدارة وزارة ووضعه على جهاز دولة آخر، واصفة الوضع بـ"الحاير داير".

تقليص البطالة

وأضافت الهاشم: "نريد أن يكون ديوان الخدمة المدنية جهة تساهم في تقليص البطالة وزرع وتغيير مفهوم مع برنامج إعادة الهيكلة بتسيير وتوجيه خريجي الجامعات والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب نحو القطاع الخاص"، لافتة إلى أنه من غير المعقول ان تخلو الدولة من الكفاءات حتى تأتي بأشخاص بنظام "البراشوت".

وذكرت أن الأجهزة الحساسة مثل الديوان لابد أن يتم اختيار قائدها من العاملين به، وعن طريق التدرج في السلم الوظيفي، لأنهم الأكثر خبرة وتعاملاً وفهماً بأدق تفاصيل العمل وإجراءاته من غيرهم.

وعن أهم مطلب يجب أن يلتفت اليه الرئيس الجديد قالت الهاشم "على الرئيس الجديد أن يقوي ويعزز حرية اتخاذ القرار للإدارة العليا، فضلا عن مساعدتها في تطوير الديوان وانتشاله من وضعه السيئ، ومراقبة نفسه قبل كل شيء، حتى يستطيع مراقبة الوزارات الأخرى".

أخطاء العهد السابق

من جانبه، هنأ رئيس نقابة العاملين في ديوان الخدمة المدنية وبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة علي التويجري، رئيس ديوان الخدمة المدنية الجديد على منصبه، وقال إن "الجسار بانتظاره مسؤولية كبيرة والعديد من القضايا المتعلقة بالديوان، أهمها تعديل أخطاء العهد السابق من استثناءات من غير وجه حق، وهياكل مخالفة للقانون، وغيرها من القضايا التي تعتبر من صميم عمل الديوان".

وأضاف التويجري أن الديوان جهة حساسة، ويجب أن يكون نموذجا لجميع الوزارات باحترام وتطبيق القانون، إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح عرضة لصدور أحكام قضائية ضده، وهذا أمر خطير بحق هذا الجهاز.

وطالب بإزالة المركزية التي كان يعانيها الديوان، ووضع صلاحيات أوسع للموظفين دون لجوء المراجعين إلى رئيسه، أسوة بالجهات الحكومية الأخرى التي تمتاز بآلية عمل واضحة مرضية للمراجع، متابعاً "فمن غير المعقول لموضوع مثل تغيير المسمى الوظيفي يأخذ أربعة أشهر حتى يتم البت".

وطالب التويجري بضرورة حل مشكلة طول الانتظار في طوابير البطالة، وذلك عن طريق إحلال العمالة الوطنية محل الوافدين، خصوصاً في ديوان الخدمة الذي يمنع تعيين الوافدين في الوزارات الأخرى ويقبل التعيين داخله، متمنياً التوفيق للرئيس الجديد، وفتح صفحة جديدة عنوانها الإصلاح.

مواطنون ينتظرون التوظيف وآخرون يرفضون الترشيح

عبّر عدد من المواطنين المسجلين في نظام التوظيف في ديوان الخدمة المدنية عن استيائهم من الانتظار الطويل من أجل ترشيحهم للعمل، بينما يرفض آخرون الترشيح في جهات حكومية محددة.

وقال راشد العمر انه انتظر طويلاً حتى يرى اسمه ضمن المرشحين للعمل في القطاع الحكومي، وعندما رشحه الديوان لجهة ما رفض العمل بهذه الجهة، وبانتظار قبوله في جهة حكومية أخرى تتميز بكادر، مبيناً أن التمييز بين الجهات الحكومية يظلم الموظفين.

من جانبه، قال خالد العنزي إن «العمل في القطاع الحكومي افضل من الخاص، بسبب استقراره، لكون الأخير يخضع فترة لتجربة، وقد يتم تسريح الموظف الكويتي في فترة قصيرة جداً»، داعيا الديوان إلى وضع خطة لتدريب الخريجين قبل خوضهم العمل، والا فستتسع دائرة البطالة في الكويت.

من جهتها، ذكرت عالية العازمي انها تراجع الديوان من اجل تغيير جهة العمل التي ترشحت اليها، لأنها لا تتناسب مع مؤهلاتها وطموحاتها، قائلة إن «هناك فجوة بين الجهات الحكومية، حيث تجد خريجين بنفس المؤهلات، ولكن بسبب اختلاف الجهات ترى تفاوتا في الرواتب، وهذا السبب يجعل الكثيرين يرفضون جهات العمل المرشحين اليها».

فيما عبر صلاح الركيبي عن استيائه من طول الانتظار للمواطنين في ظل توظيف الوافدين في الوزارات، مطالباً الرئيس الجديد للديوان بعمل سياسة جديدة، وتوفير اكبر عدد من فرص العمل واحتواء خريجي الجامعات، وتقليص البطالة التي قد تنفجر في أي لحظة.

بدورها، قالت هيا العريفي انها عملت بالقطاع الخاص فترة، ورغم وجود الامتيازات التي تتوازى تقريباً مع العاملين بالقطاع الحكومي، فإنه في القطاع الخاص لا يوجد ضمان لاستمرار الموظف، مضيفة ان الانتظار الطويل يجعل المسجلين بنظام التوظيف يتجهون الى «الخاص»، وبالتالي يفقدون دورهم في قائمة التسجيل، ما يجعلهم يعودون مرة أخرى، بسبب كادر الجهة الحكومية، وذلك عندما يجدون أصحابهم بنفس المؤهل يصرف لهم كادر أعلى.

338940 موظفاً إجمالي العاملين بالجهات الحكومية منهم 252580 مواطناً

أصدر ديوان الخدمة المدنية الإحصائية ربع السنوية للعاملين في الجهات الحكومية حتى مطلع ابريل 2017، والتي كشفت أن عدد العاملين في الجهات الحكومية الذين تجاوزت خدمتهم 30 سنة بلغوا 10539 موظفاً وموظفة.

وبينت الإحصائية، التي حصلت "الجريدة" على نسخة منها، أن عدد المواطنين 6976، و2506 من الجنسيات العربية، و1017 من الجنسيات الأجنبية، بالإضافة إلى 40 موظفاً من الدول الخليجية، مشيرة إلى أن عدد العاملين الذين تجاوزت أعمارهم 60 سنة بلغ 5501 موظف وموظفة، بينما وصل عدد الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة 354 موظفاً.​

وذكرت أن إجمالي العاملين في الجهات الحكومية بلغ 338940 منهم 146601 عدد الذكور بنسبة %43.25، و192339 عدد الإناث بنسبة %56.75، لافتة إلى أن عدد المواطنين بلغ 252580 مواطناً ومواطنة بنسبة %74.52 من إجمالي العاملين بينما وصل عدد الخليجيين إلى 4299، منهم 3840 سعودياً و225 قطرياً و117عمانياً و99 بحرينياً، بالإضافة إلى 18 إماراتياً، وبلغ عدد العاملين من الجنسيات الأخرى 82061 موظفاً وموظفة.

وأظهرت الإحصائية أن وزارة التربية تأتي في المركز الأول من حيث أعداد العاملين بالوزارات بـ 110746موظفاً وموظفة، بينما حلت وزارة الصحة ثانية بـ 62477، وجاءت وزارة الداخلية ثالثة بـ 19809، ووزارة الكهرباء والماء رابعة بـ 20005.

ولفتت إلى أن المستوى التعليمي للعاملين مرتفع نوعاً ما بعد أن بلغ عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه 5026 بنسبة %1.48 من إجمالي العاملين بينهم 3430 مواطناً، أما الحاصلون على الماجستير فبلغ عددهم 10748 بنسبة %3.17 منهم 6490 مواطناً، والجامعيون 154899 بنسبة %45.73 منهم 103889 مواطناً.

نتطلع إلى موقف جريء من الرئيس الجديد وسنقيِّم دوره في التطوير الدلال

عليه انتشال الديوان من وضعه السيئ ومراقبة نفسه أولاً قبل الوزارات الهاشم

تعديل أخطاء العهد السابق من أهم القضايا التي تنتظره التويجري
back to top