في وقت مازال صدى إعلان البيت الأبيض أن أول زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب خارج الولايات المتحدة ستكون للملكة العربية السعودية يتفاعل، نجحت إدارة ترامب في خطف أضواء الحركة السياسية في مختلف الاتجاهات، ما يوحي بأن عجلة السياسة الأميركية بدأت في التحرك لتعيد تثبيت بصماتها في العديد من الملفات، سواء كانت داخلية أو خارجية.ومثل تمرير إلغاء واستبدال مشروع التأمين الصحي (أوباماكير) في مجلسي النواب والشيوخ، نجاحا وانتصارا سيوظفه ترامب في مسيرة تثبيت خياراته السياسية، واستثماره ضمن مقولته بأن خيار "أميركا أولا" لا يتعارض مع الدور القيادي للولايات المتحدة على المسرح الدولي، وفق ما صرح المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر مساء أمس الأول.
وأولى مظاهر هذا التوظيف اتصاله الهاتفي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أعطى الضوء الأخضر لتمرير اتفاق أستانة لإقامة 4 مناطق آمنة في سورية، ما أطلق مرحلة اختبار لقدرات موسكو على إعادة صياغة توازنات داخل الوضع السوري، عنوانها الأبرز كيفية كف يد إيران وميليشياتها وصولا إلى جنوب لبنان.وتتحدث مصادر أميركية مسؤولة عن تفاهمات إضافية سيعمل على بلورتها الوزيران ريكس تيلرسون وسيرغي لافروف خلال لقائهما في ألاسكا، من بينها كيفية إطلاق آلية سياسية موازية للترتيبات الميدانية، التي لن تتورط فيها وزارة الدفاع في هذه المرحلة، تمهيدا للاتفاق على شخصية جديدة تقود سورية ما بعد بشار الأسد، وهو الشرط الذي وضعته واشنطن مقياسا للنجاح في الحديث عن استقرار في هذا البلد.
كبح إيران
وترى تلك الأوساط أن الرئيس ترامب أطلق دفعا سياسيا كبيرا لحركته، مع الإعلان عن توجهه إلى السعودية للقاء قادتها وقادة دول مجلس التعاون الخليجي وبعض قيادات المنطقة والعالم الإسلامي، وحدد عنوانا واضحا لأهداف زيارته،على رأسها وقف التدخلات الإيرانية والاتفاق على استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب والقضاء على خطر "داعش".وتعتقد تلك الأوساط أن القمم التي سيعقدها ترامب في الرياض ستزيد الضغوط على طهران في مختلف مناطق وجودها، في إعلان جدي عن نية الإدارة الأميركية إنهاء مقولة سيطرة طهران على 4 عواصم عربية. وتشير هذه الأوساط إلى مغزى كلام رئيس الوفد الروسي في اجتماع أستانة، حين ألمح إلى إمكان طرح فكرة خروج ميليشيات طهران من سورية إذا أثبت تجميد العمليات العسكرية وإقامة مناطق منخفضة التصعيد قدرته على فرض الاستقرار، على الأقل في المناطق الأربع المشار إليها.وتعتقد تلك الأوساط أخيرا بأن التهديدات التي أطلقتها جماعة الحوثيين ضد حليفهم الرئيس اليمني السابق علي صالح، تعكس التوتر الذي يعيشه الإيرانيون وجماعاتهم في المنطقة، بعد تأكدهم من جدية الالتزامات الأميركية التي أعطيت للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وشعورهم بأن صالح قد يعيد حساباته.في موازاة ذلك، توقعت الأوساط أن ينجح ترامب في إنجاز اختراق سياسي لناحية كسر الجمود الذي يكتنف العلاقات العربية مع إسرائيل، عبر إطلاق آلية جديدة، سيعمل على طرح عناوينها في خطاب شرق أوسطي يلقيه في كل من إسرائيل والضفة الغربية التي سيزور مدينة بيت لحم فيها للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس. في السياق، قرر السناتور الجمهوري، مارك غرين، المرشح الذي اختارته إدارة ترامب لمنصب وزير سلاح البر، الاعتذار عن عدم تولي المنصب، إثر انتقادات من نواب على مواقف وتصريحات سابقة له حول المتحولين جنسيا والمسلمين والمتحدرين من أصل لاتيني، معتبرا أنه تعرض لـ "هجمات مسيسة".صفقة ضخمة
ورغم اتجاه السعودية لتنويع مصادر تسلحها بأكبر صفقة مع تركيا، أفادت مصادر مطلعة بأن واشنطن تعمل لإبرام عقود مبيعات أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات مع المملكة بعضها جديدة والآخر قيد الإعداد بالفعل.وقالت المصادر إن برامج شركة "لوكهيد مارتن" في الصفقة تشمل بضع بطاريات من نظام الدفاع الصاروخي (ثاد). وتصل تكلفة نظام ثاد، مثل ذلك الذي تنشره واشنطن في كوريا الجنوبية، حوالي مليار دولار، كما يجري التفاوض على منظومة برامج كمبيوتر (سي2 بي.إم. سي) للقيادة والسيطرة أثناء المعارك والاتصالات وحزمة من قدرات الأقمار الاصطناعية وكلاهما ستقدمه "لوكهيد".وقالت المصادر إن عربات قتالية تصنعها شركة "بي. إيه. إي سيستمز" تشمل عربات قتالية من طراز "برادلي" وعربات مدفعية من طراز "إم 109" تدخل ضمن الحزمة السعودية. وشركة الدفاع البريطاني "بي. إيه. إي سيستمز" لديها 29 ألف موظف في الولايات المتحدة.سفن «ليتورال»
ومن بين الصفقات اتفاق قيمته 11.5 مليار دولار لشراء 4 سفن حربية "ليتورال" متعددة المهام مع خدمات المرافقة وقطع الغيار كانت وزارة الخارجية الأميركية وافقت عليها في عام 2015. وفي حال إتمامها ستكون أول صفقة لبيع تلك السفن الحربية الجديدة لدول أجنبية منذ عشرات السنين.وزودت الولايات المتحدة السعودية بمعظم حاجاتها العسكرية بدءا من مقاتلات "إف- 15" حتى أنظمة القيادة والسيطرة في صفقات بعشرات المليارات من الدولارات في السنوات الأخيرة. وتعهد ترامب بتحفيز الاقتصاد الأميركي بتوفير المزيد من الوظائف في قطاع التصنيع.فورة نشاط
في غضون ذلك، أكد أحد الأشخاص المطلعين على مبيعات الأسلحة أن مفاوضات صفقات السلاح تسارعت وتيرتها مع تكثيف التخطيط لزيارة ترامب للسعودية في الأسابيع القليلة الماضية.وكشف مسؤولان أميركيان أن مجموعة عمل أميركية سعودية اجتمعت في البيت الأبيض يومي الاثنين والثلاثاء لمناقشة الزيارة وتمويل شراء عتاد عسكري ووقف تمويل الإرهابيين.