نشرت وزارة الخارجية الروسية، أمس، نصاً تفصيلياً لاتفاق إقامة مناطق آمنة في سورية جاء فيه أن روسيا وتركيا وإيران اتفقت في مذكرة موقعة في الرابع من مايو على إقامة أربع مناطق منفصلة "لتخفيف التوتر" لمدة ستة أشهر على الأقل، يمكن تمديده تلقائياً بموافقة الدول الضامنة الثلاث.

ويجب على الدول الثلاث الضامنة رسم حدود المناطق الأربع بحلول الرابع من يونيو 2017 في ثمان من أصل 14 محافظة سورية، أكبرها بمحافظة إدلب وأحياء مجاورة في حماة وحلب واللاذقية. والثلاث الأخرى في شمال حمص والغوطة الشرقية شرق دمشق وفي الجنوب على حدود الأردن.

Ad

وأضافت المذكرة أن الاتفاق يطالب قوات النظام ومقاتلي المعارضة بوقف كل الاشتباكات داخل تلك المناطق وإتاحة المناخ المناسب لوصول المساعدات الإنسانية والطبية وعودة النازحين لمنازلهم وإصلاح البنية التحتية.

ومع الدقائق الأولى من دخوله حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة- السبت، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون خروقات عدة لاتفاق مناطق تخفيف التصعيد، الذي اقترحته روسيا وترعاه مع تركيا وإيران.

وفي إطار رصده للأحداث والتطورات الميدانية في المناطق المحددة في الاتفاق والممتدة من الشمال إلى الجنوب السوري وتشمل محافظة إدلب وريفي حماة وحمص الشماليين وغوطة دمشق الشرقية والجنوب السوري، سجل المرصد قصف الطيران المروحي بثلاثة براميل متفجرة لمناطق في بلدة اللطامنة الواقعة في الريف الحموي الشمالي وأكثر من 40 قذيفة صاروخية ومدفعية.

وأكد أن المنطقة ذاتها شهدت منذ بدء تطبيق الاتفاق قصفاً من قبل قوات النظام على كفرزيتا واستهداف الطائرات الحربية بالصواريخ والرشاشات الثقيلة منطقة الزلاقيات ومناطق في الاراضي الزراعية بين البلدتي، لافتاً إلى اشتباكات دامية على محاور في محيط الزلاقيات على بعد مئات الأمتار من بلدة حلفايا شمال حماة.

وسجل المرصد قصفاً لقوات النظام على حيي القابون وتشرين الدمشقيين بالاطراف الشرقية للعاصمة بأكثر من 17 قذيفة اثنتين منهما سقطتا في كورنيش الجناين وحي الروضة بمنطقة جرمانا بضواحي العاصمة.

حمص ودرعا

وسجل ناشطون استهداف بلدة تير معلة في الريف الشمالي بصاروخ أسطواني محلي من نوع أرض- أرض، وبعدها قصف مليشيات شيعية مدينة تلبيسة بقذيفتي مدفعية.

ويضاف للخروقات أيضاً، استهداف قوات النظام لأحياء درعا البلد بقذائف هاون خرجت من كتيبة البانوراما 285، في حين يتابع الطيران الروسي عملياته في مدينة الميادين في دير الزور وريف حمص الشرقي مستهدفاً جبل الضاحك ومحيط قصر الحيرة الشرقي والطيبة الشرقية والحقول النفطية الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش".

تيلرسون ولافروف

وغداة توقيع روسيا وإيران وتركيا الاتفاق، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت أن "وزير الخارجية ريكس تيلرسون تحادث هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حيال الجهود الرامية إلى تخفيف التصعيد في النزاع القائم في سورية ودعم المحادثات في جنيف لدفع الحل السياسى قدماً".

وعبرت الخارجية الأميركية، التي اكتفت بدور مراقب في مفاوضات أستانة، عن أمل واشنطن في أن يساهم الاتفاق في وقف العنف، مشددة على القلق إزاء الدور الإيراني.

وفي تصريح منفصل، أكد لافروف أن مذكرة أستانة تأخذ بعين الاعتبار المقترحات الأميركية السابقة بهذا الخصوص، موضحاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب بالخطوات التي يتعين اتخاذها، مشيرا إلى أنها تتوافق مع مبادرات اقترحتها واشنطن نفسها لحماية المدنيين ووقف القتال.

ورداً على إعلان المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جيف ديفيس، أنه "لم يتم التنسيق مع الجانب الأميركي وليس لديه علم بتلك القضية"، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن "روسيا والدول الضامنة لمذكرة مناطق تخفيف التصعيد أمدت الولايات المتحدة بجميع المعلومات والمستندات اللازمة عن المذكرة".

ولاحقاً، اتفق رئيسا الأركان الروسي فاليري غيراسيموف ونظيره الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد على استئناف العمل بكامل بنود مذكرة السلامة الجوية الموقعة في أكتوبر 2015، إضافة إلى على مواصلة العمل على إجراءات إضافية تهدف إلى تجنب وقوع اشتباك بينهما في سورية.

الهيئة العليا

وأعربت الهيئة العليا للمفاوضات، أمس الأول، عن قلقها من غموض الخطة الروسية، مشيرة إلى أنه "تم إبرامها في منأى عن الشعب السوري، وما شابها من غياب للضمانات وآليات الامتثال، معتبرة أن "الاتفاق يفتقر إلى أدنى مقومات الشرعية"، ومشددة على رفضها الاعتراف بأي دور لإيران كضامن للاتفاق، إلى جانب روسيا وتركيا.

بدوره، أعلن وفد قوى الفصائل إلى أستانة أن الخرائط المنشورة لمناطق تخفيف التصعيد ليست صحيحة ولن تكون مقبولة. كما أنها لم تُعرض عليه في أي من اجتماعاته.

وطالب الوفد أن يشمل وقف إطلاق النار كافة الأراضي السورية، وأن يأتي متزامناً مع الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية. ورفض حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الاقتراح الروسي، معتبراً أنه "تقسيم طائفي" للبلاد.

القلمون والزبداني

وفي تطور ميداني، أعلنت قوات النظام وميليشيا "حزب الله"، أمس، سيطرتها على القلمون الغربي على الحدود اللبنانية كله، ووصله بمنطقة الزبداني بريف دمشق الغربي.

وأفاد "الإعلام الحربي المركزي" التابع للحزب اللبناني بأن القوات الموجودة في جرود الطفيل وبلدتي سبنا والدرة توصلت مع القوات الموجودة بمناطق عامود بلودان والزبداني وسرغايا، بعدما قامت بمسح وتمشيط للتلال والجرود الواصلة بين هاتين المنطقتين والتي أصبحت خالية تماماً من المسلحين بعد خروج آخر دفعات لهم من سبنا والدرة.

وأشار "الإعلام الحربي المركزي" إلى أن "الحدود السورية-اللبنانية باتت آمنة بخط ممتد من جهة طريق دمشق الدولي الزبداني شمالاً إلى سرغايا ودرة والطفيل، وصولاً إلى جرود فليطة بمسافة نحو 113 كم، مبيناً أن مساحة المنطقة التي خرج منها المسلحون في الفترات الأخيرة تقدر بأكثر من 500 كم مربع.