التفاصيل الصغيرة

نشر في 07-05-2017
آخر تحديث 07-05-2017 | 00:10
أمر الادارة الحكومية يشبه منظرا يتكرر في خطبة يوم الجمعة، الخطيب يتكلم بالمثل العليا والإرشاد والأخلاق وخلفه ساعات حائط قد توقف بعضها عند التاسعة ليلا في صلاة الظهر.
 مظفّر عبدالله

أول العمود:

دخلت على حساب "الكويت تسمع" في "تويتر" وهو المشروع الوطني للشباب، فوجدت أن آخر تغريدة فيه تعود لتاريخ 28 أبريل 2013؟ من الذي يسمع هنا... نحن في 2017!

***

لماذا تفشل الأجهزة الرسمية في التعامل مع ما يهم الناس في حياتهم اليومية؟

هذا سؤال يحضر دائما مع كل أزمة، أو مشكلة عابرة.

فن "التفاصيل الصغيرة" مفقود هنا، ففي أزمة نفوق الأسماك الأخيرة التي تكررت مرات عديدة- يعني أن المسألة ليست مفاجأة- ترك الناس في هلع وخوف، وأهملت التفاصيل الصغيرة عبر تصريحات خائفة مرتجفة من مسؤولين كبار دون أدنى شعور بالمسؤولية، حتى وصلنا بعد أسبوع تقريبا إلى نتيجة تقول إن الجون ملوث وهو شيء معروف سلفا لأن المواد المعنونة بـ"جون الكويت" 108، 109، 110 من قانون حماية البيئة أصبحت كمطبات الشوارع تداس كل يوم بإطارات سياراتنا.

تستخسر حكومتنا- وهي غير رشيدة كما تؤكد قياسات الشفافية والنزاهة والحوكمة- أن تشكل فريق أزمة فور وقوع مشكلة كأزمة النفوق التي جعلت تصريحات الوزراء والقياديين تركز على سمك "الجم" وتركت الجون الذي تحول إلى "بانيو" اغتسل فيه 100 إنسان دون تغيير مائه! رغم أن تفصيلا صغيرا كهذا يمكن أن يخفض معدل المفاجأة، ولا أقول الهلع عند الناس، بدرجات كبيرة لأنهم يعلمون بعدد حالات المد الأحمر التي حدثت في السنوات العشر الأخيرة.

إن التفاصيل الصغيرة بالنسبة إلى حكومتنا اليوم هي تطبيق القوانين، والتي، بسبب إهمال العديد منها، قادت مجتمعنا اليوم إلى أن يصبح منتجا للنكات بشكل يومي، وهو تعبير عن حالة يأس عامة، عنوانها قياديون يخافون الإعلام ويتهربون منه، وإذا أرغموا على مواجهته سقطوا في بحر الكلمات غير المحسوبة.

ما يظهر أمامنا أن مليارات الدنانير تصرفها الدولة على ما يفترض أنه خدمات ورفاهية للسكان إلا أن الناتج عن ذلك: عدم رضا! أليس في ذلك إجحاف بحق الدولة؟ أموال التعليم مثلا تمثل 15٪ من الميزانية العامة لكن في التفاصيل الصغيرة تجري مساومة المعلمين الوافدين على بدل الإيجار، ويوضع أمر كتابة المناهج لعناصر غير ماهرة، ولذلك يقوم وزراء التربية بإنقاذ أبنائهم من نوعية التعليم الذي يديرونه بأنفسهم من خلال تدريسهم في المدارس الخاصة!

خلاصة القول أن أمر الإدارة الحكومية يشبه منظرا يتكرر في خطبة يوم الجمعة، الخطيب يتكلم بالمثل العليا والإرشاد والأخلاق وخلفه ساعات حائط لا تعمل وتوقف بعضها عند التاسعة ليلا في صلاة الظهر! تلك هي التفاصيل الصغيرة التي إن أهملت تحولت إلى كبيرة.

back to top