رياح وأوتاد: هل سيطيح التفاهم بالإصلاح الاقتصادي؟
مهما كانت نتيجة الاستجوابات، وهي متوقعة، أتمنى مثل كثيرين غيري من المراقبين أن يكون موقف الحكومة قوياً ضد أي قانون يؤكد المختصون أنه ضد الإصلاح الاقتصادي، ويهدد الوضع المالي والتصنيف الائتماني للبلاد، وكفاية شعبوية على حساب مستقبل الكويت وعيالها.
أصبح الانقسام بين فئتين في مجلس الأمة اليوم واضحاً للجميع، الأولى تسعى إلى التصعيد، وقدمت أكثر من استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء، وتسعى إلى عدم التعاون معه، وأخرى تريد التهدئة ولن تؤيد هذه الاستجوابات، أو على الأقل لن تؤيد وصولها إلى عدم التعاون، كما أن من الواضح أيضا أن الفئة الثانية تملك الأغلبية. وقد أكد الأخ مبارك الدويلة في مقالة له في «القبس» أن تفاهما تم بين الفئة الثانية على موقفها هذا مع السلطة من أجل عودة الجناسي المسحوبة، (وقد يكون عدم رفع الحصانة عن الأخ جمعان الحربش والتعيينات الأخيرة في إحدى مؤسسات الدولة أجزاء أخرى من هذا التفاهم أيضا).
المهم أن هناك الآن تخوفاً أن يطول هذا التفاهم أيضا موافقة الحكومة أو ضعف موقفها من القوانين الشعبوية المشوهة للاقتصاد الوطني، والمدمرة لمستقبل أبنائنا، وهي كثيرة الآن وموجودة في لجان المجلس، وسوف تصل إلى قاعة عبدالله السالم للتصويت عليها عما قريب، فهل سيكون موقف الحكومة منها قويا وفعالا مثل موقفها من قانون التظلم من قرارات سحب الجنسية أمام المحكمة الإدارية؟ أم سيكون موقفها ضعيفا لأن المطالبين بها هم أطراف في هذا التفاهم، وهم لازم يطلعون بالزينة، خصوصاً مع احتمال أن أعضاء في الحكومة يسعون إلى الشعبوية مثلهم مثل النواب، لا سيما أن أثر هذه القوانين ليس فوريا وإنما سيظهر دماره بعد سنوات. لذلك مهما كانت نتيجة الاستجوابات، وهي متوقعة، أتمنى مثل كثيرين غيري من المراقبين أن يكون موقف الحكومة قوياً ضد أي قانون يؤكد المختصون أنه ضد الإصلاح الاقتصادي، ويهدد الوضع المالي والتصنيف الائتماني للبلاد، وكفاية شعبوية على حساب مستقبل الكويت وعيالها. آخر المطاف: بعض الإخوة لم يفهموا القصد من مقالي السابق بشأن التصريح المنسوب إلى وزير المالية، والقصد هو ألا ينسب إلى أي مسوؤل ولا يحاسب إلا على ما يتأكد أنه صدر منه بالفعل؛ لأن آفة الأخبار رواتها، وهناك الكثير مما يمكن مناقشته ومعارضته في أعمال وتصريحات الوزراء الثابتة عنهم، أما كيل النقد وأحيانا الشتائم على خبر أو تصريح غير ثابت فليس هذا من الدين أو الخلق القويم، وعندنا في التراث قصة هرقل الروم الذي سأل أبا سفيان عن النبي فلم يستطع أن يقول عنه ما ليس فيه، وبعد خروجه من بلاط هرقل قال: «لولا مخافة أن يؤثر عليّ الكذب لكذبت».