«الجهاد»... ووثيقة «حماس»!

نشر في 08-05-2017
آخر تحديث 08-05-2017 | 00:24
 صالح القلاب ليس مستغرباً أن ترفض حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية "وثيقة حماس"، وأن تقول فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، وأن تصفها بأنها "تمس" بالثوابت، و"تعيد إنتاج المتاهة التي أدخلنا فيها البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير"، فهذا أمر متوقع مادامت هذه "الحركة" تابعة لإيران، ومثلها مثل "حزب الله" اللبناني، والحشد الشعبي العراقي، وأيضاً "فيلق القدس" الذي يقوده قاسم سليماني، تعتبر طهران مرجعيتها، إن لم تكن الدينية فالسياسية، وبخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

كانت "حماس" قد سبقت "الجهاد" على هذا الطريق، وأشبعت قرارات المجلس الوطني الفلسطيني، الذي انعقد في الجزائر عام 1988، شتماً وتنديداً، تلك القرارات التي اعتبرت تحولاً "استراتيجياً" في المسيرة الفلسطينية قبل وبعد انطلاق "المقاومة" في عام 1965، والتي نصت على إقامة الدولة المنشودة على ما احتل من فلسطين في حرب 1967، والاعتراف بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الذي يعني فعلياً الاعتراف بالدولة الإسرائيلية التي كانت قد أُعلنت في 1948.

ربما لا تعرف "الجهاد" أن إقناع الدكتور جورج حبش، الذي لا يستطيع أي فلسطيني أو عربي التشكيك في وطنيته الصادقة والتزامه القومي "النظيف"، بهذا التحول التاريخي قد استغرق ليلة كاملة في إحدى قاعات قصر المؤتمرات بالجزائر، وأن إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة على ما احتل من فلسطين في يونيو (حزيران) 1967 يعتبر إنجازاً كبيراً في ظل واقع الحال، وفي ظل الظروف والمعادلات الدولية التي لا تسمح بتحرير الوطن المحتل كله دفعة واحدة.

لقد كان صلاح خلف (أبو إياد) أكثر المتحدثين من القادة الفلسطينيين في تلك الليلة الطويلة، ولأن حديثه كان موجهاً مباشرة إلى الأمين العام للجبهة الشعبية، التي كانت ولا تزال إحدى الفصائل الفلسطينية الرئيسية، فلم يستطع الدكتور جورج حبش السيطرة على عواطفه الجياشة، فقد أجهش بالبكاء بصوت مرتفع، مما كان له الأثر الكبير في الاستجابة لتوجهات الذين كانوا يدعون إلى ضرورة تبني برنامج منظمة التحرير الجديد المقترح، وفي مقدمتهم "أبو عمار"- رحمه الله- وبالطبع محمود عباس (أبومازن)، ومعظم قادة "فتح" إن لم يكن كلهم.

فعلى حركة الجهاد أن تنظر إلى هذا التحول التاريخي، الذي أقدمت عليه "حماس" بعد ثلاثين عاماً من "الممانعة" العدمية، بعين فلسطينية لا بعين إيرانية، فالمؤكد، إن هي فعلت هذا، فإنها سترى أن عدم التنازل عن "الثوابت" يتطلب تحقيق إنجاز فعلي للشعب الفلسطيني، على أساس الممكن... ويقيناً إن هذا الإنجاز هو إقامة الدولة التي بالإمكان إقامتها، رغم كل الصعاب، على ما احتلته إسرائيل من وطن الشعب الفلسطيني في 1967 وعاصمتها القدس الشرقية... إن "الثوابت" هي ما يتحقق من إنجازات على الأرض، وما عدا ذلك فإنه كلام في كلام، حتى وإن كان ببلاغة المعلقات السبع وجزالة ألفاظها.

back to top