عندما تجتمع الممثلة القديرة سعاد عبد الله مع الكاتبة المبدعة هبة مشاري حمادة، ويدير دفة السفينة الإخراجية كل من سائد الهواري ومحمد القفاص وسيف شيخ نجيب وعيسى ذياب.. يعلم متابعو الدراما الخليجية والعربية أنهم إزاء عملٍ دراميٍّ محبوك بطريقة خاصة ويحمل نكهة مختلفة.يعتمد «كان في كل زمان» في بنيته الدرامية على مبدأ الحلقات المنفصلة المتصلة، وبعضها يتألف من أجزاء مترابطة عدة. أما الأحداث، فبعضها مستوحىً من واقع مجتماعتنا العربية، والبعض الآخر يحمل طابعاً تراثياً. ولعلّ القاسم المشترك بين الحلقات يكمن في اشتمالها على مجموعة قضايا مهمة اجتماعياً وإنسانياً، إلى جانب الطريقة السردية اللطيفة والراقية في آن، والأهم عنصر التشويق الذي لا يغيب عن الخطوط الدرامية.
سعاد عبد الله
«يذكرنا العمل بأيام المسلسلات القصيرة قبل أن تحكمنا آليات وظروف العمل الإنتاجي والتلفزيوني لتقديم أعمال تمتدّ طيلة أيام شهر رمضان»، هكذا تصف النجمة القديرة سعاد عبد الله تجربتها في «كان في كل زمان»، مؤكدةً حماستها لمعرفة رد فعل الجمهور على عملٍ يقدم طرحاً اجتماعياً بأسلوب كوميدي خفيف حيناً، وتراجيدي أحياناً. وتضيف: «نقدم سلسلة من الحكايات تتألّف من حلقتين أو ثلاث أو أربع، لنكسر بذلك لعنة الثلاثين حلقة التي حاصرتنا في السنوات الأخيرة». وحول تعاملها مع الكاتبة هبة مشاري حمادة في المسلسل تقول عبد الله: «أرادت الكاتبة هبة مشاري حمادة أن نعيد الحياة إلى المسلسلات ذات الحلقات القصيرة، ونركز على قصص متنوّعة، فنقدّمها كما هي، من دون أن نصبغ عليها الطابع الكوميدي لتصل إلى المشاهدين بكل بساطة وعفوية». وتضيف: «كتبَتْ هبة أربع قصص تحمل نَفَساً كوميدياً لأن القضية التي تطرحها فيها ليست سهلة، ومن الذكاء أن تقدّم مواضيع بطابع كوميدي كي تخفّف من حدة التعاطي معها رقابياً في الدرجة الأولى، ولا أقصد هنا رقابة وزارة الإعلام فحسب بل الرقابة الاجتماعية أيضاً». في ما يتعلّق بأدوارها المختلفة والنوعيّة في العمل، تقول سعاد عبد الله: «ثمة طبعاً صعوبة في التنقل بين شخصية وأخرى، حيث أؤدي 10 شخصيات وربما أكثر! وهذا الأمر أتعبني نظراً إلى أن التجربة تحتاج إلى جهد جسدي وذهني كبير». وتضيف: «إحدى الحكايات المؤثرة في العمل «أم السعف والليف»، فالطرح فيها جديد وجميل ويرصد في قالب تراثي، حياة إنسانة جادة لكن منبوذة من المجتمع كونها احترقت في طفولتها فأضحت مشوّهة، وصار الأولاد في القرية يخافون منها رغم طيبتها، وصرامتها في التمييز بين الحق والباطل. وثمة قصة تراثية ثانية بعنوان «الطرمة» توضح إلى أين يمكن للإنسان أن يذهب سعياً خلف الانتقام!».وتلفت عبد الله إلى أنها للمرة الأولى تقدّم مثل هذه النوعية من الشخصيات، كذلك تتوقّف عند حلقتيْن تطرحان موضوع الإرهاب، فتقول: «نقدم هذا الموضوع في إطار كوميديا سوداء»، «زي وجوههم» على حدّ تعبيرها، «كونها تعبِّر عن مأساة أليمة، والحلقتان بعنوان: «التهمة، الله أكبر»، و«قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم».أخيراً، تثني عبد الله على مشاركة نخبة من الممثلين معها من أمثال فاطمة الصفي، وفرح الصراف، وحمد أشكناني، ومرام، وإلهام الفضالة، وشجون الهاجري، ومنى شداد، وريم أرحمة، وغيرهم... في بعض الحلقات، وتختم: «أعتقد أن من حسن حظي التعاون مع هؤلاء الممثلين الجيدين».هبة مشاري حمادة
تشير الكاتبة هبة مشاري حمادة إلى أن «العمل يجمع قصصاً مُتفرقة ومتنوعة تحت عنوان واحد هو «كان في كل زمان»، وهدفنا منه كسر العادة التلفزيونية التي تفرض على الكاتب تقديم 30 حلقة، فيعجنها الكتّاب ويطيلونها. ثمة قصص في عملنا تنتهي بحلقتين أو ثلاث أو أربع، ونحافظ على الايقاع السريع مع حرصنا على الواقعية في الطرح وألاّ نكون في الوقت ذاته مملّين...». وتضيف: «لأول مرّة، نحاول خلال العمل طرح قضايا مجتمعيّة وليس موضوعات اجتماعية فحسب كالزواج والطلاق والغيرة والقصص المعتادة. مثلاً، نتطرّق إلى العمالة والخدم في المنازل وأطفال الشوارع... والطفولة وقضايا تراثية من الموروث الشعبي. كذلك حاولنا أن نكون متنوّعين قدر الإمكان، فعمدتُ إلى الكتابة بأسلوب ونَفَس مُختلفيْن في كل قصة». من جانبٍ آخر، تثني حمادة على الكيمياء بينها وبين الممثلة سعاد عبد الله، واصفةً المسلسل بـ «المغامرة الدرامية العالية». وتضيف: «لهذه النجمة القديرة روح مغامرة تشبه تلك الموجودة لديّ، ونقدم بعض الحلقات بشكل كوميدي يلطّف حدة الأجواء السوداوية. في كل سنة نعمل فيها معاً نكون قلقتين من النتائج، وعندما ينجح العمل نصبح مسؤولتين عن تقديم عمل آخر أكثر نجاحاً، وبذلك تستمر حالة القلق لدينا». وتختم: «نُعوّل اليوم على الجمهور الذي رافقنا طيلة السنوات الماضية آملين بأن نكون عند مستوى انتظاره، خصوصاً بعد نجاحنا في أعمالنا الماضية... لذا باتت لدينا الرغبة في تقديم كل ما هو جديد ومتميّز، و«الخروج برّا العلبة» كما يُقال في المثل، ونتمنى أن يسير أكثر من عمل درامي في العام المقبل على خُطانا».فاطمة الصفي
تقول فاطمة الصفّي التي تطلّ في مجموعة من قصص العمل: «أجسّد شخصيات متنوّعة ضمن حلقات عدة، بعضها لي فيه دور صغير نسبياً، وقرّرت هذا العام التفرغ لهذا المسلسل».وتضيف: «اعتدت أن أقدم كل سنة عملاً من كتابة هبة مشاري حمادة، سواءً في التلفزيون أو على المسرح، فنصّها جميل، والسيناريو مُفصّل بطريقة مرتّبة وأنيقة. أما أم طلال التي أعتبرها صديقتي فأكاد لا أغيب عن أي عمل من أعمالها».فرح الصراف
تُشير فرح الصراف التي أطلّت مع سعاد عبد الله في «ساق البامبو» خلال رمضان الماضي، إلى أنها تقدّم شخصيات متنوعة خلال أجزاء من المسلسل، من بينها «خيانة أغسطس»، و«المهنة حرامية»، و«أم السعف والليف». وتضيف: أؤدي تارة دور الفتاة المريضة نفسياً، وطوراً دور البنت المنكسرة، والمادية والطماعة... ثم فتاة تحب عمل الخير وتساعد الجرحى، وغيرها». وحول وقوفها مجدداً إلى جانب الممثلة القديرة سعاد عبد الله وتعاملها مع الكاتبة هبة مشاري حمادة، تقول الصراف: «مَن لا يطمع بالوقوف إلى جانب سعاد عبد الله؟! وإن كانت لدي رهبة من ذلك، لكنني اكتشفت كم هي متواضعة وبمثابة الأم الحنون. أما هبة مشاري حمادة، فلطالما كنت أتمنى العمل معها منذ مدة».المخرجون
تتوّلى مهمة الإخراج مجموعة من المخرجين هم محمد القفاص، وسائد الهواري، وعيسى ذياب، وسيف شيخ نجيب. كانت لهم الآراء التالية حول هذا العمل:سائد الهواري
يبدأ المخرج سائد الهواري بالكلام عن الحلقة التي يخرجها وهي «المهنة: حرامية»، فيقول: «سرقت المرأة السبحة وهي شيء صغير وبسيط، ولكن ثمة من يسرق استقرار أهله وزوجته، وأناس يسرقون أحلام الطفولة، وأخرى تتزوج رجلاً مسناً طمعاً بثروته فلا يهمها أن يموت بالسكتة القلبية عندما يكتشف أنها استغلته وأخذت ثروته. وثمة طرح خطير من الكاتبة تشير فيه إلى كيفية سرقة بعض الأدباء والمثقفين أحلام المغمورين، فيأخذون رواياتهم ومقالاتهم وأعمالهم بأبخس الأسعار وينشرونها بأسمائهم».ويعرب الهواري عن سعادته بالتعامل مع نص الكاتبة هبة مشاري حمادة، لأول مرة، واصفاً إياه بـ«النص المغرق بالتفاصيل الرائعة، فلا يمكنك أن تغضّ النظر عن أي تفصيل، وهنا يكمن التعقيد والجمال في آن». ويشير إلى أن آخِر تعاون جمعه مع سعاد عبد الله كان في مسلسل «الواجهة»، ويختم بقوله: «من سوء الحظ أنني لم أعمل معها منذ ذلك الوقت، وأنا محظوظ اليوم بأن ألتقيها مجدداً».سيف شيخ نجيب
يشير سيف شيخ نجيب الذي يتعاون لأول مرة مع سعاد عبد الله، إلى احترامه لهذه الفنانة وتجربتها الفنية الطويلة، قائلاً: «تعرف معنى الالتزام الحقيقي وقيمته، وحبذا لو يتعلّم منها بعض النجوم الشباب اليوم». ويوضح المخرج السوري أنه يروي في الحلقات التي أخرجها «قصة أسرة خليجية تعيش في أوروبا، وحرصنا على تقديم تلك الحلقات بإيقاع سريع مسلّطين الضوء على الجوانب الإنسانية للشخصيات». ويختم: «تحتوي الحلقات على رسائل قيّمة وخطيرة، وتتضمن مشاهد حركة ومغامرات، ورسالتها الأهم هي مواجهة الإرهاب والتطرف».محمد القفاص
يشير محمد القفاص إلى استمرار رحلة تعاونه مع سعاد عبد الله، ويضيف: «التقيتها مرات عدة، من بينها في «زاورة الخميس» (2010)، و«أمنا رويحة الجنة» (2015)، و«ساق البامبو» (2016)، وصولاً إلى هذا العمل الذي أنفذ فيه حكايتين مختلفتين». ويؤكد أن هذه الممثلة تعرف كيف تختار أدوارها بعناية، بل تنتقي الأدوار الصعبة التي تحمل مضموناً إنسانياً في إطار اجتماعي هادف.