حتى لا نفاجأ ببطلان قادم!
بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية، الأربعاء الماضي، أحكامها في الطعون الانتخابية الـ52 التي اقيمت على العملية الانتخابية التي جرت 26 نوفمبر الماضي، وانتهت إلى قبول طعن انتخابي واحد ببطلان عضوية مرزوق الخليفة، وإعلان فوز فراج العربيد نائبا عن الدائرة الرابعة لم يتبق امام مجلس الأمة الا النظر في تعديل قانون الانتخابات، والعمل جديا على إيجاد نموذج قانوني سليم يتناسب مع طبيعة العملية الانتخابية، ويختصر الإجراءات الطويلة التي تستغرقها اللجان المشرفة على العملية الانتخابية، والتي لا تراعي التطور الكبير في اعداد الناخبين الذي يتزايد في كل عام يفتح فيه باب القيد بالجداول الانتخابية.قانون الانتخابات الحالي، الذي صدر في الفترة التي صدر بها الدستور، لم يعد صالحا لمواكبة العملية الانتخابية، ولا لأعداد الناخبين، ولا حتى طرق سيرها أو حتى الطعن عليها، وهو ما يتعين على المشرع العمل على إيجاد قانون جديد يحاكي هذا الواقع، وإلا فإن كل عملية انتخابية ستكون عرضة إما لبطلانها كليا أو جزئيا وإما لبطلان أحد أعضائها الذي وقع جمع خاطئ في احتساب نتائجه مع أقرانه من المرشحين.ما أقدم عليه المشرع الكويتي في المرسوم بقانون إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات تجربة وإن كانت جيدة الا انها ناقصة، فالتجربة التي يتعين على البرلمان العمل جديا على تحقيقها هي إخضاع العملية الانتخابية برمتها للسلطة القضائية، وهذا الاخضاع يستلزم إنشاء هيئة للانتخابات، يناط لإدارتها قضاة يتولون أمر الرقابة على الأعمال الخاصة بالعملية الانتخابية.
ويكون من مهام تلك الهيئة النظر في تسجيل الناخبين في القيد الانتخابي، والفصل في الاعتراضات، وما يتطلبه الأمر من تنقيح للجداول الانتخابية على كل من هو غير حائز لأهلية الانتخاب، وسيكون تبعا لها حرمان المستبعدين من أهلية الترشح، وإصدار القرارات الخاصة بتشكيل اللجان المشرفة على العملية الانتخابية، وتحديد المقار الانتخابية، وفتح باب الترشح، وإصدار القرارات الخاصة بأهلية المرشحين، واتخاذ التدابير اللازمة لتنظيم عملية الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، وأخيرا تلقي التظلمات على عملية الاقتراع خلال مدة زمنية محددة، وفي حال عدم رفعها يسقط حق المتضرر من تلك النتائج.ولا يقتصر الأمر على الاشراف على العملية الانتخابية من خلال تشكيل هيئة ذات طبيعة قضائية للإشراف على الانتخابات، وإنما يتعين على المشرع الكويتي النظر في إدخال عدد من المسائل ومنها التصويت الالكتروني في مقار الاقتراع، وأن يكون الفرز الكترونيا تحت اشراف القضاة وبحضور ممثلي المرشحين، وللجان الانتخابية فور الانتهاء من ذلك الاعلان عن النتائج.وإدخال التصويت والفرز الإلكتروني وحصر الاشراف به في القضاء سيساهم في تقليل عدد الطعون ومواكبة الأعداد الكبيرة للناخبين، والتي ستقترب من نصف مليون ناخب العام المقبل، وهو عدد لا يمكن لـ900 قاض وعضو نيابة تداركه والتركيز به على نحو متواصل لما يزيد على 24 ساعة، وحتى لا نفاجأ ببطلان عضوية عدد من المرشحين نتيجة أخطاء في عملية الجمع، أو بطلان المجلس لأخطاء إجرائية تتصل بشكل العملية الانتخابية، أو بإجراءات الاقتراع او الفرز مستقبلا يتعين علينا العمل سريعا لإصدار قانون جديد ينظم العملية الانتخابية القادمة حتى لا نفاجأ ببطلان قادم.