توقفوا عن التأمين على الكوارث المناخية
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
إن شركات التأمين تعتبر من أكبر ملاك الأصول على مستوى العالم، فقد كانت هناك أموال تقدر بمبلغ 31.1 تريليون دولار أميركي تحت إدارة شركات التأمين بحلول نهاية سنة 2014 مما يعني أن شركات التأمين تمثل نحو ثلث جميع الأصول المؤسساتية في الاقتصاد العالمي. لا نعرف بالضبط كمية الأموال التي وضعتها تلك الشركات في مشاريع الوقود الأحفوري، ولكن هناك شيء واحد واضح: حتى نمنع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بحيث لا تتجاوز درجتين مئويتين مقارنة بمستوى ما قبل الثورة الصناعية وتجنب الاحتباس الحراري السريع، نحتاج إلى عدم تطوير غالبية أصول الفحم والنفط والغاز.ومن السخرية بمكان معرفة أنه على الرغم من أن فهم شركات التأمين العميق لعلوم المناخ ساعد على جعلها من أوائل اللاعبين ضمن قطاع الأعمال التي تقر بدور التغير المناخي بشكل علني وتدعو للتصدي له، فإن قطاع التأمين لا يزال من اللاعبين الرئيسيين في مشاريع الوقود الأحفوري، فقد قامت شركات التأمين بخلق واستدامة حلقة مفرغة تتمثل بتسهيل المشاريع التي تسبب الاحتباس الحراري مع توفير التأمين ضد التأثير السلبي للمناخ في تلك المشاريع.ونظرا لإدراك شركات التأمين المبكر الحاجة للتعامل مع التغير المناخي فإن صفقة قطاع التأمين الشيطانية قد نجحت حتى الآن في تجنب تدقيق مجموعات الضغط، لكن هذا على وشك أن يتغير الآن. لقد أعلنت شركة التأمين الفرنسية العملاقة أكسا في آواخر الشهر الماضي أنها لم تعد تقدم خدمات التأمين للشركات التي يأتي أكثر من 50% من دورة رأس المال فيها من الفحم، وهذا التغيير بُني على قرار أكسا السابق بعدم الاستثمار في تلك الشركات.إن هذه خطوة مهمة لجعل الفحم غير قابل للتأمين، فالحقائق واضحة تماما وهي أن الوقود الأحفوري لا يؤدي فقط للتغير المناخي المدمر ولكن أيضا للعديد من التهديدات الأخرى، لدرجة أن التأمين على الطاقة الجديدة التي يتم توليدها من الفحم والمناجم يعتبر بمثابة صفعة في وجه الإدارة المعقولة للمخاطر المالية. إن حرق الفحم الذي يعتبر أكبر قاتل على وجه الأرض يجب ألا يكون قابلا للتمويل، علما أنه يتسبب في ملايين الوفيات كل عام من خلال التلوث الهوائي وارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة الأنواء المناخية.إن قرار أكسا قرار عقلاني مبني على حقائق لا تقبل الجدل، ونظرة واقعية للمستقبل، فالتأمين في نهاية المطاف مبني على فكرة أن المستقبل يشبه إلى حد ما الماضي؛ مما يجعل المستقبل قابلا للتوقع، ولكن لو بقينا نعمل على تسخين الكوكب فإن هذا الافتراض سيختفي. إن شركات التأمين تعاني بالفعل بسبب صعوبة توقع مستوى ارتفاع سطح البحر بالنسبة إلى العقارات الساحلية، وما مدى شدة العواصف التي ستضربها. لقد حان الوقت لشركات أخرى أن تحذو حذو أكسا على أسس أخلاقية واقتصادية كما يجب على تلك الشركات أن تقر بأن الوقود الأحفوري غير قابل للتأمين، وبالنسبة إلى تلك الشركات فإن أفضل تأمين هو أن نبقي الوقود الأحفوري في مكانه الطبيعي، أي في باطن الأرض.* بيل مكيبن* مؤسس مؤسسة "350 دوت أورغ". «بروجيكت سنديكيت، 2017» بالاتفاق مع «الجريدة»