حين يقلع الغربان

نشر في 09-05-2017
آخر تحديث 09-05-2017 | 00:24
 حسن العيسى مشاهد سينمائية "هوليوودية" تتخللها لقطات استعراض نفوذ مافيوي وتحدٍّ لسلطة القانون، يقف فيها رجل قصير القامة يقوم بدور الحارس على مخازن شركة استثمار خاصة لها أنياب حادة زرعها في فكها أطباء أسنان السلطة، ويتجمد ممثلو السلطة العامة أمامه، لا يعرفون ماذا يقولون، فخلفه كلب حراسة قد ينهشهم مثلما يتم على مدار الساعة نهش خاصرة الدولة وحلم الأجيال، ثم هناك لقطة عناق ساخنة بين نجمة استعراض روسية شقراء ممشوقة القوام مؤتمنة على أموال عامة، وبحكم "الموظف العام" تحتضن نجم شركة وشركات دخلت بطول وعرض البلاد، وتمددت خارج الحدود من مدينة صباح الأحمد لتصل إلى الفلبين، ويقف نائب سابق تتكرر نجومية استعراضاته في الدفاع عن شرف نيابته وإخلاصه للمال العام، يحاضر جمهور القرود الثلاثة عن الأحلام الكبرى للاستثمار في بلاد معظم ما تستورده منها الدولة الكويتية مجاميع الفقراء ليعملوا في وظيفة خدم المنازل.

لقطات مثيرة عن حرس الاستثمار في موانئ الدولة، يتم تسليمهم "عهدة استثمار" من التأمينات الاجتماعية وتأمينات الميناء فيستغلون "صفاتهم"، ويسهلون تحويل مبالغ رهيبة من خانة العام إلى خانة الخاص، وهذا ليس بالأمر الجديد ولا بالغريب في بلاد ترفع شعار "من صادها عشى عياله" من سنوات طويلة، وأحد هؤلاء النجوم صادها فعلاً و"عشى" رفيقته البجعة الشقراء، لتطير عالياً تحمل في أسفل منقارها صرة من ملايين الدولارات، استولت عليها من خزينة الأموال المباحة في بلاد هبطت الثروة عليها من سماء عالية فلم يكترث أسيادها لسرقة هنا ونهب هناك، فلم يشق أحد في اكتناز ملايين "الصدفة"، أتتهم الثروات عبر "صدفة" التاريخ، ومن صندوق يانصيب الريع، ومن هذا الصندوق ينهب نجوم هوليوود الكويت ما يشاؤون من المال المباح.

ما أكثر هؤلاء الغربان الذين طاروا خارج البلاد محملين بضمانات ثابتة لهم ولأجيال طويلة من أصلابهم! هناك قانون يحاسب ويلاحق، وهناك قانون يسمح ويتساهل، لكن يظل "رن وي" الدولة معبداً جاهزاً ليقلع الغربان المؤتمنون على المال العام إلى خارج البلاد معززين مكرمين يحملون ثروات فلكية هائلة مغسولة جيداً بغسالات الوظيفة العامة، ويبقى السؤال الأبدي هنا: كيف تم ائتمان نجوم البؤس السراق على أموالنا؟ وما هي معايير أصحاب القرار السياسي لتفويضهم أمانة الوظيفة دون جواب؟ أما أبناء الغد الذين لم يوفر لهم الزمن "صدفة" النهب، فليس لهم غير مغاسل المقابر، ولا عزاء للضحايا.

back to top