"الجزء الغير مفقود" فيلم صامت لا تتعدى مدته ثلاث دقائق، للمخرج الكويتي أحمد الخضري، وكتب له السيناريو محمد المحيطيب، ومثّل فيه: إبراهيم الشيخلي ومحمد أسد. حاز الفيلم حضورا سينمائيا وإنسانيا كبيرا حول العالم، وحقق الكثير من الجوائز الدولية، وصار مادة مؤثرة لوسائل التواصل الاجتماعي، بسبب فكرته الإنسانية اللافتة، ولقدرة الفن المبدع على التأثير في النفس البشرية ومسّها حيثما كانت. فيلم صامت أخذ مكانة مرموقة بين الأفلام القصيرة العالمية، ولاقى صدى واهتماما في مختلف مهرجانات السينما العالمية. وكل هذا يجيء ليُشار باحترام وتقدير عاليين إلى الكويت، بوصفها صاحبة الفيلم.

منطقتنا العربية، كانت ولم تزل مرتعاً لحروب دامية، بدءا بقضية فلسطين والحروب العربية - الإسرائيلية المتتالية، ثم الحرب الأهلية اللبنانية، وتالياً الحرب العراقية - الإيرانية، واحتلال الكويت البغيض، ومن ثم تحريرها، وأخيراً انتفاضات الربيع العربي المخيفة، وما تبعدها من عنف قطْري متوحش لا يزال قائماً حتى اللحظة الراهنة.

Ad

جميع هذه الحروب والاقتتالات الطائفية جعلت من منطقتنا العربية مكاناً خصباً للمعاقين ومشوهي الحروب. حتى إن الدراسات الدولية تشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي واحدة من أكثر مناطق العالم ازدحاماً بمشوهي الحروب وبالمعاقين.

وسط هذه المعطيات يأتي فيلم "الجزء الغير مفقود"، لينطق باسم شرائح كبيرة جداً من فئات مجتمعية قد تبدو متوارية، لكنها حاضرة بمشاعرها واكتمال نظرتها الإنسانية للحياة، ومن هنا يأتي عنوان الفيلم: "الجزء الغير مفقود"، فهذه الفئات لا تعاني فقداً في أي شيء من مشاعرها أو وجودها الإنساني، حتى لو شاءت الأقدار أن تفقد جزءاً من أعضاء جسدها. لذا، فإن فكرة الفيلم ومسار أحداثه بمسلك بطله الفنان إبراهيم الشيخلي يشيران بشكل مبدع ولافت إلى أن الإنسان حتى لو فقد أحد أعضائه، فإنه يبقى قادراً على تعويضه بحبه للحياة. بل إن دلالة المعاق الذي يزرع وردا في قاع أحذيته تبدو جلية حيث مصدر الضوء وحيث اللون الأخضر لون الحياة، وكون بطل الفيلم يضع أكثر من حذاء إلى جانب بعضها البعض، تعبيرا عن حياة متجددة لا يُراد لها أن تقف.

حصل الفيلم على تصنيف من موقع "IMDB"، كونه يحمل قضية تهمّ العالم أجمع. وانهالت عليه العروض للمشاركة في الكثير من المهرجانات الأميركية والأوروبية، ورُشح لنيل 12 جائزة في ثلاثة مهرجانات سينمائية أميركية حصد منها خمس جوائز، هي: أفضل مخرج، أفضل مخرج من فئة الطلبة، أفضل مونتاج من فئة الطلبة، أفضل كاتب سيناريو، وأفضل منتج، جاءت 3 منها في مهرجان "IMFF"، الذي أقيم بولاية كاليفورنيا الأميركية. هذا بالإضافة إلى ترشح الفيلم لنيل الجائزة الأولى للمهرجان الكوري "SEDIFF" ومهرجان "DSOFF"، إضافة إلى مهرجان "ACCOLADE".

في "ملتقى مدارات" وفي أمسية سينمائية، قال مخرج الفيلم أحمد الخضري: "فيلم الجزء الغير مفقود وصل إلى هوليوود، رغم الصعاب الكثيرة التي واجهتنا أثناء تنفيذ العمل، وأشيد بجميع فريق العمل الذين بذلوا أفضل ما لديهم، لنحقق هذه النتيجة الرائعة". وأكد كاتب السناريو محمد المحيطيب، أننا "تعمدنا وضع علم الكويت في الفيلم، ليرمز لكامل المجتمع".

وفي اتصال لي مع بطل الفيلم إبراهيم الشيخلي، أخبرني قائلاً: "التمثيل الصامت أكثر صعوبة من التمثيل الناطق، فعلى الممثل الصامت أن ينطق بكل ما يُراد له النطق به عبر ملامح وجهه وحركات جسده المحسوبة". وأضاف: "أنا سعيد بأن لاقى الفيلم نجاحا كبيرا، كونه يناقش قضية إنسانية مؤثرة. وأتمنى أن تجد السينما اهتماما من المسؤولين في مختلف مؤسسات الدولة".

إذا كان عنوان فيلم "الجزء الغير مفقود" يشير إلى قضيته، فإن العنوان نفسه يؤكد أن الإبداع السينمائي الكويتي جزء لا يتجزأ من منظومة العمل الإبداعي الكويتي، وهو متفوق وغير مفقود.

رابط الفيلم: https://youtu.be/YbN8_kZW0LQ