"إذا لم تستح فافعل ما تشاء"، فوزير خارجية بشار الأسد استعان بـ "مراجل" لا يتحلى بها، وهي غير موجودة لا عنده ولا عند هذا النظام، وهدد بأنه إذا دخلت القوات الأردنية الأراضي السورية فإنه سيتم التعامل معها كقوات معادية، وكل هذا وهو ربما يعرف أن النظام الذي ينتمي إليه لا يملك من أمره شيئاً، وأنه قبل أن يطلق هذا التهديد "الإعلامي"، عليه أن يتذكر أن سورية غدت كلها محتلة، مع الأسف ، وحتى دمشق نفسها لم يعد هو ولا رئيسه يستطيع التحرك فيها من دون استئذان مسبق من الاستخبارات الروسية، ومن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

إن المؤكد أن هذا "المعلم"، الذي هو ثاني اثنين بقي هذا النظام يحتفظ بهما كـ "ديكور" لتمثيل الأكثرية الدينية والطائفية في هذا البلد المعروفة هويته، ومعروف كيف تم تزويرها وتزييفها بعد "الحركة التصحيحية"، يعرف أنه قد سبقه إلى هذه الوضعية "الديكورية" كل من عبدالله الأحمر وفاروق الشرع، وقبل ذلك عبدالحليم خدام ومصطفى طلاس، وحكمت الشهابي، ورتل طويل لا نهاية له.

Ad

كان على "المعلم" أن يتذكر، بحكم عمله الدبلوماسي في الخارج، أنه عندما تفقد أي دولة السيطرة على أراضيها وتصبح مصدراً لتهديد دولة مجاورة، فإنه يحق لهذه الدولة المجاورة أن تتدخل في عمق أراضيها لدرء الأخطار عن نفسها، ولتوفر لشعبها الأمن والأمان، وهذا هو واقع الحال الآن بالنسبة إلى هذا الجوار، الذي أصبح متعباً ومزعجاً ومصدراً للإرهاب، بين "القطر العربي السوري" وبين المملكة الأردنية الهاشمية.

ألا يتذكر هذا "المعلم"، الذي بقي في هذا المنصب للضرورات "الديكورية" الطائفية، أن حافظ الأسد عندما غزا بجيوشه الجرارة لبنان في منتصف سبعينيات القرن الماضي، كانت حجته أنه لم تعد في هذا البلد دولة تحافظ على سيادته، ولذلك ولأنه أصبح يشكل تهديداً أمنياً لـ "القطر العربي السوري"، فإن مقتضيات الأمن الوطني و"القومي" السوري تتطلب احتلاله، وهذا ما حصل فعلا، وكانت البداية استهداف المخيمات الفلسطينية، وبخاصة مخيم تل الزعتر الذي لم يبق منه حجر على حجر؟!

وبالطبع، فإن هذا "المعلم"، الذي يبدو أنه أصبح مصاباً بالترهل الذهني أيضاً، لا يذكر أن حافظ الأسد لجأ في عام 1980 إلى تحشيد "الجيش العربي السوري" على حدود الأردن، وأنه هدد - لابتزاز السعودية - بالدخول إلى عمق الأراضي الأردنية، بحجة أن لـ "الإخوان المسلمين" السوريين قواعد في هذه الأراضي.

ثم ألم يسمع هذا "المعلم" أيضاً أن إيران، لا غيرها، صاحبة القرار الأول والأخير في سورية، قد هددت باكستان، بينما كان هو يستعرض عضلاته اللسانية ضد الأردن، بإرسال قوات إيرانية إلى عمق الأراضي الباكستانية، بحجة وجود قواعد لمتطرفين إيرانيين في هذه الأراضي؟

كان على وزير خارجية بشار أن يتذكر أن بواسل الجيش العربي الذين هدد باعتبارهم قوات معادية هم أحفاد أولئك الأبطال الميامين الذين حالوا دون وصول الإسرائيليين في حرب عام 1973 إلى دمشق، عاصمة الأمويين الخالدة، والتي ستبقى خالدة إلى الأبد، رغم أن هؤلاء الذين يحكمونها حولوها إلى "مستوطنة" فارسية!