أعتقد، كما يعتقد الكثيرون، أن مجلس الأمة الحالي يواجه قضايا لم تمر بتاريخ الكويت من قبل، بخلاف جريمة الغزو العراقي للكويت، القضايا التي تتفجر من اختلاسات وإهمال في المال العام أصبحت بأرقام فلكية، وكان آخرها اختلاس 166 مليون دينار من صندوق الموانئ، وقبلها خسائر استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمبالغ الهائلة التي تم إقرار سحبها من الاحتياطي العام للدولة لمصلحة صفقات أسلحة جديدة.وإضافة إلى عشرات قضايا الاعتداء على المال العام والفساد الإداري والهدر هناك قضايا مصيرية أخرى تتعلق بانخفاض عائدات النفط، واختلال التركيبة السكانية، وتراجع جودة التعليم، والضغط الهائل على الخدمات الصحية... إلخ.
ومع تراكم هذه القضايا الكبرى فشلت كل المعالجات من قوانين إصلاحية، أو تم تفريغ محتواها، مثل قانون مكافحة الفساد، وقوانين التنمية طويلة وقصيرة الأجل، وخلافها من قوانين وخطط حكومية.الآلية بشكل عام لا تعمل بالطريقة المطلوبة، ودستور 1962 فيه خلل ما يمنعنا من أن نحقق شيئاً، والنظام البرلماني تمكن منه العبث والفساد، لذا فإن استجواب رئيس حكومة أو وزير وحصولهما على الثقة من عدمه لن يغير شيئاً، فالأمر أكبر من ذلك، لاسيما إذا كان سياسي وبرلماني سابق وأستاذ جامعي، مثل د. يوسف الزلزلة، ينادي بنداءات مذهبية للرد على قضية تتعلق بشأن اختلاسات وهدر للأموال العامة يقدر بعشرات ملايين الدنانير!القضايا الوطنية أصبحت أكبر من جلسة استجواب أو إجراء انتخابات برلمانية بعدد حلقات المسلسلات التلفزيونية التركية، إنه مصير بلد يواجه قضايا جدية تتعلق بوجوده، كما ذكر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح. لن تسعفنا المناورات التي تجري في البلد، واللعب على جميع الحبال، ليبقى الوضع على ما هو عليه، والقوى المتسيدة في مواقعها بنفس أدواتها القديمة من شراء الولاءات السياسية وتمكين المتنفذين.الوضع في الكويت يتطلب تحركاً من القوى الفاعلة في البلد؛ اجتماعياً وسياسياً، ومبادرة من الأسرة الحاكمة تشبه ما حدث بعد الاستقلال من المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، ودون ذلك سنبقى على حبال مشدودة لا نأمن السقوط، فيما سيستمر المنتفعون والفاسدون يقتاتون من هذه البيئة غير المستقرة والملوثة، لتحقيق منافعهم الشخصية، ولن تنفع مئة جلسة استجواب أو خطابات بليغة وتصريحات نارية في تقديم حلول جدية لقضايانا المصيرية.
أخر كلام
قضايا مصيرية... بلا حلول جدية!
11-05-2017