يُحتجز حاكم جاكرتا، الذي كان ذات يوم يتمتع بشعبية ضخمة، في حجرة بسيطة في مركز احتجاز شديد التأمين لا يرفه عنه فيها سوى قراءة الكتاب المقدس وزيارات مسموح بها مرتين في الأسبوع.. حياة قاتمة يتعين عليه التأقلم عليها بعد إدانته بازدراء الدين الإسلامي في إندونيسيا التي تقطنها أغلبية مسلمة.ونقلت السلطات باسوكي تجاهاجا بورناما على عجل إلى المنشأة شديدة التأمين التابعة للشرطة الواقعة في إحدى ضواحي جاكرتا في وقت مبكر أمس الأربعاء بعد أن أحاط أنصاره بسجن في جاكرتا نُقل إليه في بادئ الأمر.
وقالت شقيقته إن أسرته تخشى أن تكون حياته معرضة لخطر يمثله الإسلاميون الغاضبون.وقالت فيفي ليتي إندرا شقيقته ورئيسة فريق الدفاع عنه لرويترز إن «المتدينين في المساجد أهدروا دمه»، وأضافت «كان ذلك إجراءً ضرورياً لحمايته.. يريحنا وجوده هناك».وجاء الحكم على حاكم جاكرتا وهو مسيحي من العرق الصيني، يوم الثلاثاء بالسجن عامين أقسى بكثير من حكم مع وقف التنفيذ طالب به الادعاء مما أثار تحذيرات من أن الاعتبارات الدينية أصبحت تؤثر على السياسة والقضاء في الدولة العلمانية.وتعد الإدانة بتهمة التجديف انتكاسة مروعة لحليف مقرب من الرئيس جوكو ويدودو، ويُحظى بورناما الذي يعرف باسم التدليل الصيني «أهوك» بتقدير كبير بسبب مساعيه الصارمة لتحديث العاصمة التي تسودها الفوضى.لكن الأمور تغيرت في سبتمبر الماضي عندما سعى لخوض الانتخابات للحصول على فترة ولاية أخرى، وقال إن خصومه السياسيين يضللون الناس باستخدام آية من القرآن تُفيد بأن على المسلمين ألا يولوا عليهم غير المسلمين.وإندونيسيا أكبر دولة تقطنها أغلبية مسلمة في العالم.ونفى بورناما تهمة التجديف لكنه اعتذر عن تصريحاته، لكن الجماعات المتشددة حشدت مئات الألوف من المتظاهرين في شوارع جاكرتا يطالبون بعزله وسجنه لإهانته القرآن.وانقلب الرأي العام عليه بعد هذه المظاهرات وخسر مسعاه لفترة ولاية أخرى كحاكم للمدينة في انتخابات هذا العام. ودفعت محاكمته، التي بدأت في أواخر العام الماضي، التوترات الدينية في إندونيسيا إلى أعلى مستوياتها في سنوات.
تعطيل المرور
وجرى احتجاز بورناما في بادئ الأمر في سجن سيبينانج في شرق جاكرتا وهو سجن شديد التأمين من العهد الاستعماري الهولندي يشتهر بسمعة سيئة عن تكدسه ويضم تجار مخدرات ومتشددين إسلاميين.ونقلته السلطات بعد ذلك إلى مجمع للشرطة في ديبوك على مشارف جاكرتا لأن أنصاره عطلوا المرور حول سجن سيبينانج، وسعى بعضهم لإسقاط سياج من الأسلاك الشائكة هناك.وأحضرت شقيقته إندرا ووالدتهما لزيارته في ديبوك يوم عيد ميلادها.وقالت إندرا «قابلناه في السجن مع إخواننا المسلمين، تعانقنا وبكينا، كل شيء حدث بسرعة كبيرة».ولد بورناما لأبوين غير مسلمين وهو مسيحي الديانة لكن تبنته أسرة مسلمة في جزيرة بيليتونج الصغيرة قبالة سومطرة.وليس لديه هاتف أو جهاز تلفزيون في محبسه في مجمع الشرطة وقالت إندرا إن الكتاب الوحيد الذي أخذه معه هو الكتاب المقدس، وأضافت «يحب قراءة الكتاب المقدس، أخذه معه ويمكنه الصلاة وقتما شاء».وتابعت أن السلطات سمحت له بإحضار ملابسه الخاصة ومستحضراته الشخصية، وأضافت «يمكنني القول إنه يلقى معاملة حسنة للغاية وإنسانية، ونحن ممتنون لذلك».الحكم
وقالت إندرا إنه يقيم في «غرفة احتجاز مؤقتة» ومن المرجح أن ينتقل إلى زنزانة خاصة قريباً، وتابعت أن السلطات ستسمح له بالزيارة مرتين في الأسبوع ومدة كل زيارة ساعتان.ويعد الفريق القانوني لبورناما لاستئناف الحكم بسجنه.وتقدم محاموه بطلب كذلك للمحكمة العليا في جاكرتا بتخفيف الحكم إلى منع من السفر خارج جاكرتا.وحيت إندرا الرئيس ويدودو الذي عمل بورناما نائباً له خلال توليه منصب حاكم جاكرتا قبل أن يتولى المنصب بعد فوز ويدودو في انتخابات الرئاسة عام 2014.وقالت «نحن نفهم صعوبة الوضع بالنسبة له لكنه رجل حكيم... مازالت تربطه بشقيقي علاقة صداقة جميلة».