«مستنقع الأفكار»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
سعى المخرج، والكتّاب الثلاثة، إلى توظيف السخرية اللاذعة، والكوميديا السوداء، فضلاً عن فن «البارودي» (السخرية من الأفلام الكلاسيكية) و{الفارص» (المبالغة الهزلية)، لكن العبث كان سمة التجربة، وبلغ مداه في أعقاب اعتقال الشبان الثلاثة، واقتيادهم إلى المعسكر «الداعشي» لمقابلة «الأمير» (محسن منصور)، حيث تتعدّد أنواع العقاب للمعتقلين، الذين زُج بهم في أقفاص حديد كالقرود، فمنهم من أخطأ أثناء الوضوء، ومن لم يؤد صلاة الجمعة ثلاث مرات، ومن يستمع إلى الموسيقى، بالإضافة إلى الخباصين، والكدابين، والقوادين... ورغم ما يحمله المشهد من مأساة وكارثة بالمقاييس كافة، إلا أن الفيلم تعامل مع الأمر باستخفاف، وربما تسفيه وتسطيح، مثلما حدث من «بيبو»، الذي كان يصرخ «إحنا بتوع الفلاشة» على غرار صرخة عادل أمام في الفيلم الشهير «إحنا بتوع الأتوبيس»!تكمن قوة الفيلم وجرأته في السخرية اللاذعة من «الأمير»، الذي ينشد تأسيس «دولة الحق والعدل» فيما أطلق على ولايته اسم «بور عماد» تيمناً باسم «عماد ابن أم سيد»، وهو شديد الغرام بالغلمان، مثلما فعل مع «هاني»، ويعيش المجون والفجور والفسوق. وأحسن الفيلم عندما نوّه إلى ماضي «الأمير» كبائع متجوّل تعرض لملاحقة مستمرة من شرطة المرافق ما تسبب في تحوله إلى إرهابي، لكن لهجته البورسعيدية، ومبالغاته التي جعلته يحاكي «أبي العربي» البورسعيدي، حملت إساءة إلى أبناء موطنه، تماماً كالسخرية التي طاولت الأشقاء اللبنانيين، بحجة غموض وصعوبة واستغلاق اللهجة اللبنانية، وهو أسلوب رخيص ومبتذل يعكس مجدداً قلة الحيلة، وسذاجة التناول، وضحالة الخلفية والوعي، لأن الإسفاف لا يصنع كوميديا!على النهج المبتذل نفسه جرى الاشتباه في المسيحي «هاني» بأنه مخنث، و»كومار» الهندي بأنه يائس ومتشائم وخائن لأميره، وغلب على الفيلم الترهل، وأشاع مساحة لا بأس بها من الملل (مونتاج سُلافة نور الدين)، والتناقضات الدرامية في مواقف الشخصيات، كالانقلاب غير المبرر في سلوكيات «بيبو» بين القناعة التامة بالجهاد ثم هروبه من إحدى «الغزوات»، وحرصه على الاطمئنان على «الأعداء»، وظهور شخصيات زائدة، مثل مصاب الحرب (سامي مغاوري)!بالطبع جاء تعدد اللهجات، والجنسيات، ليصبّ في صالح الفيلم، الذي حذر من خطورة تفاقم الظاهرة الداعشية، لكن عادت السذاجة لتطل برأسها عبر الحيلة المكشوفة التي حاكها الشبان الثلاثة لإقناع «الأمير» بولائهم له، أملاً في تكليفهم بعملية إرهابية في مصر، تُعيدهم إلى أرض الوطن، لإبلاغ السلطات الأمنية. لكن النهاية السعيدة لم تنقذ الفيلم من السذاجة!