ثمة كثير نجهله، وثمة كثير علينا اكتشافه، وثمة كثير لن نتوصل إليه مطلقاً، لكن ردود فعلي الأولى تجاه طرد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي جاءت كالآتي:1- يعتبر عدد كبير من أصدقائي أن هذا الطرد كان متوقعاً منذ زمن، إلا أنني أخالفهم الرأي. أعتقد أن من السهل انتقاد الكثير من قرارات كومي، ولكن عندما نتأمل القرارات التي اتخذها، عندما اتخذها، أظن أنه وُضع في سلسلة متتالية من الأوضاع التي لا فائز فيها، فضلاً عن أنه أقدم على قرارات من الممكن الدفاع عنها. امتحنت هيلاري كلينتون حدود ما يسمح به النظام وأقحمت أشخاصاً ومؤسسات في أوضاع لا يُحسدون عليها، لا أعتقد أن صرف كومي مصيب، بيد أنني أتفهم الحجج التي تؤيد صواب هذه الخطوة وخطأها على حد سواء.
2- علاوة على ذلك، لا أصدّق الحجة التي قدمها الرئيس ترامب في رسالته، وأشك في أن يكون المدعي العام جيف سيشنز المحرض الأول أو المشجع الأبرز لهذا القرار، كذلك لا أعتقد أن نائب المدعي العام رود روزنشتاين، الذي لم يُمضِ في منصبه الجديد أكثر من أسبوعين، كان الحافز وراء طرد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي. لا يبدو ذلك منطقياً، شأنه في ذلك شأن فكرة أن ترامب يعتقد أن تصرفات كومي خلال الحملة شكّلت الأساس لطرده، فتعزز هذه الفكرة بدورها فكرة أن كومي تعاطى مع هيلاري كلينتون بإجحاف كبير، مما استدعى طرده، وما من سبب يدفعنا إلى الاعتقاد أن ترامب تبنى أياً من وجهتَي النظر هاتين، أظن أن ترامب أراد طرد كومي، لذلك سعى إلى التوصل إلى رواية تبرر هذه الخطوة.3- قرأتُ مراراً أن هذه خطوة "نيكسونية". أتفهم ذلك إلا أن هذه الفكرة غير واضحة، طرد نيكسون الناس عبثاً كي يوقف تسرّب المعلومات، ولكن ما من دليل على أن ترامب يحاول عرقلة أي تحقيق، في الوقت الراهن على الأقل.4- بالإضافة إلى ذلك كان نيكسون سياسياً ناقداً بالغ الذكاء، إلا أنني أواجه صعوبة في رؤية الذكاء السياسي في هذا القرار. لا يسدي ترامب نفسه خدمة عندما يذكر في رسالته إلى كومي: "صحيح أنني أقدر كثيراً أنك أبلغتني في ثلاث مناسبات منفصلة أنني لا أخضع للتحقيق، غير أنني أوافق رغم ذلك وزارة العدل رأيها أنك تعجز عن إدارة المكتب بفاعلية". أفهم ما يحاول ترامب تحقيقه مع عبارة مماثلة، لكنها تعادل من الناحية السياسية القول: "لا تتعلق المسألة بالمال".5- مع أن ترامب يحاول يائساً دفع الناس إلى نسيان مسألة روسيا، يقدم باستمرار على خطوات تساهم في إبقاء هذه المسألة حية، فقد بثت التغريدات عن "التنصت" حياة جديدة في هذه القصة، لكن هذا يُعتبر بسيطاً مقارنة بما سيكون عليه تأثير جلسات تأكيد تعيين مدير جديد لمكتب التحقيقات الفدرالي.6- أخيراً قد تكون دوافع ترامب محقة، ربما يقدِم الرئيس على هذه الخطوة لكل الأسباب الصحيحة المعلنة، لكن هذا يشير أيضاً إلى المعمعة التي تسببت بها هيلاري كلينتون لنفسها وبلدها، وإذا كان طرد كومي ضرورياً (وهذا موقف يمكن الدفاع عنه)، يكون هذا من تداعيات المعمعة الكبرى التي أقحمت كلينتون الجميع فيها.*جوناه غولدبيرغ* «ناشيونال ريفيو»
مقالات - اضافات
طرد كومي
12-05-2017