سباق على شرق سورية بين حلف الأسد وحلفاء واشنطن

● موسكو تؤيد إقامة «سلطات محلية»
● الأمم المتحدة لديها مليون سؤال عن «المناطق الآمنة»

نشر في 11-05-2017
آخر تحديث 11-05-2017 | 21:55
مقاتل كردي يقفز من أعلى جدار منزل مدمر في بلدة الكرامة بريف الرقة أمس الأول (أ ف ب)
مقاتل كردي يقفز من أعلى جدار منزل مدمر في بلدة الكرامة بريف الرقة أمس الأول (أ ف ب)
مع تقدم قوات «قسد» في شمال شرق سورية وقوات «مغاوير الثورة» جنوب شرق البلاد، بدا أن حليفي واشنطن يتجهان إلى السيطرة تماماً على الحدود الشرقية بين سورية والعراق، التي تمنح إيران بوابة برية إلى دمشق. ولمواجهة هذا السيناريو يرى محللون أن موسكو فرضت اتفاق المناطق الآمنة، لتهدئة الجبهة الغربية والسماح للأسد وحلفائه بمواجهة التطورات شرقاً.
وقد أعطت الخطة الروسية الموقعة في أستانة، الفرصة للرئيس السوري بشار الأسد للدفاع عن شرق البلاد وجنوبها المتاخم لمركز ثقله في العاصمة دمشق، وتأمين حدود ما يعرف بـ «سورية المفيدة»، وقطع الطريق أمام حلفاء واشنطن للسيطرة على تركة تنظيم «داعش» في المنطقة.
فتح تراجع الأعمال القتالية في القسم الغربي من سورية الطريق أمام قوات الرئيس بشار الأسد للتوجه نحو الشرق، بهدف الحفاظ على ما يعرف بسورية المفيدة، ومنع المقاتلين المدعومين من واشنطن من الاستيلاء على مناطق تنظيم «داعش»، وفق محللين ومصادر عسكرية في دمشق.

وقبل أسبوع، وقعت موسكو وطهران، حليفتا دمشق، وأنقرة الداعمة لفصائل المعارضة، اتفاقا في أستانة، ينص على إنشاء 4 «مناطق تخفيف التصعيد» المعروفة إعلاميا باسم مناطق «آمنة» في ثماني محافظات، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ السبت الماضي، ومن شأن تطبيقه أن يمهد لهدنة دائمة في مناطق عدة.

ويقول رئيس تحرير جريدة «الوطن» السورية القريبة من النظام وضاح عبدربه: «ستسمح هذه الهدنة لجزء من الجيش بالانتشار نحو الشرق باتجاه مواقع سيطرة تنظيم الدولة، وتحديدا الحدود العراقية ودير الزور»، حيث يحاصر الجهاديون الجيش.

وتطمح مجموعتان تتلقيان دعما من واشنطن بالسيطرة على القسم الشرقي من سورية الصحراوي بمعظمه، وهي «قوات سورية الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض مواجهات شرسة ضد «داعش». أما المجموعة الأخرى فتعرف باسم «جيش مغاوير الثورة»، وهي فصيل يضم مقاتلين سوريين تلقوا تدريبات على أيدي الأميركيين والأردنيين، وتمكنوا من السيطرة في الأيام الأخيرة على قرى وبلدات عدة في جنوب شرق سورية، قرب الحدود مع العراق.

ووفق عبدربه، فإن هدف العمليات العسكرية المقبلة سيكون «ردع الولايات المتحدة والقوات التي تدعمها من أن تبسط سيطرتها الكاملة على شرق البلاد».

ثلاثة محاور

وفي هذا الصدد، يؤكد مسؤول سوري أن «الولايات المتحدة تدفع القوات التي تدعمها الى السيطرة الكاملة على الحدود السورية - العراقية». ويتقدم الجيش، وفق مصدر عسكري سوري، على ثلاثة محاور: الأول ينطلق من ريف دمشق بهدف فتح طريق مواز لطريق دمشق بغداد القديم باتجاه معبر التنف على الحدود العراقية.

وينطلق المحور الثاني، وفق المصدر ذاته، من البادية، تحديدا من ريف تدمر الشرقي في حمص (وسط) باتجاه مدينة السخنة الاستراتيجية التي يسعى الجيش إلى السيطرة عليها، لإطلاق عملياته نحو دير الزور، المحافظة النفطية في شرق البلاد، والتي يسيطر «داعش» على معظمها. أما المحور الثالث فينطلق من أثريا في حماة (وسط) باتجاه دير الزور أيضا.

ويقول محلل عسكري سوري، رفض الكشف عن اسمه، «نحتاج الى 15 ألف مقاتل على الأقل لفك الحصار عن مدينة دير الزور»، موضحا أن «أكثر من 7 آلاف جندي محاصرون داخل المدينة».

نقطة التنف

ويشير إلى أن «الجيش يسعى للوصول إلى نقطة التنف على الحدود العراقية بالتنسيق مع الروس للحؤول دون المزيد من التمدد الأميركي شرقا». ويسيطر «جيش مغاوير الثورة» على هذه المنطقة الحدودية.

وتبدو مهمة الجيش السوري صعبة من جراء عوامل عدة، أبرزها اتساع المساحات التي يجب السيطرة عليها، إضافة الى تراجع عديدة خلال سنوات الحرب الست.

ويرى الباحث الفرنسي المتخصص في الجغرافيا السورية فابريس بالانش أنه «بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة في معقله بالرقة، تعتزم الولايات المتحدة مواصلة عملياتها حتى البوكمال» الحدودية مع العراق والواقعة على بعد 450 كيلومترا شرق دمشق.

سورية المفيدة

وتخوض «قسد» معارك في محافظة الرقة بهدف استعادتها، وشرعت أمس في مطاردة آخر مقاتلي «داعش» المتبقين في مدينة الطبقة غداة سيطرتها عليها وعلى السد المجاور، في تقدم بارز من شانه أن يسرع هجومها نحو معقل التنظيم.

وفي حال تمت السيطرة على الرقة، «من الأفضل للجيش السوري في هذه الحالة»، يقول بالانش، «المضي قدما شرقا»، مضيفا «إذا أراد الأسد الحفاظ على سورية موحدة، فهو يحتاج الى ما يعرف بسورية غير المفيدة أيضا».

ويطلق المحللون تسمية «سورية المفيدة» على غرب البلاد، حيث تقع المدن الكبرى والمراكز الاقتصادية الرئيسة (دمشق وحمص وحلب) والواقعة بمجملها تحت سيطرة النظام.

بوغدانوف

وغداة طلب الرئيس الأميركي الروس بكيح جماح إيران والأسد، أعلن مبعوث «الكرملين» لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف أن موسكو تحاول التوسط بين طهران وواشنطن، وكذلك الرياض حول سورية، إلا أن مواقف الأطراف متناقضة جدا.

وأكد بوغدانوف أنه يمكن إنشاء مجالس محلية في سورية تسيطر على مختلف المناطق بعد تحريرها، بشرط ألا تستبدل هذه المجالس «سلطة حكومة دمشق الشرعية»، معتبرا أنه من السابق لأوانه الحديث عن نشر قوات أميركية في أي من مناطق وقف التصعيد، قبل «التنسيق مع الجهات الرسمية في سورية والحصول على موافقتها».

وفي محاولة للضغط على فصائل المعارضة بريف دمشق ودفعها للموافقة على إجلاء مقاتليها كما حصل في منطقة برزة، حققت قوات النظام تقدما في حي القابون والسيطرة على كتلة سكنية ومحطة الكهرباء الواقعة عند أطرافه الشمالية الشرقية.

رسالة أردنية

وفي تطور بارز، وعقب سلسلة غارات نظامية غير مسبوقة على الحدود الجنوبية الممتدة مع الأردن لأكثر من 370 كيلومتراً، أعلن سلاح الجو الملكي الأردني ليل الأربعاء - الخميس إسقاطه مقاتلاته طائرة بلا طيار مجهولة قرب منطقة المفرق المتاخمة لسورية.

انفجارات الميادين

وفي وقت سابق، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بحدوث سلسلة انفجارات ضربت مدينة الميادين بالريف الشرقي لمدينة دير الزور، مما أسفر عن مقتل 20 شخصا.

تسليح الأكراد

ورغم دعوة دعوة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة إلى تصحيح الخطأ، والتراجع عن قرار تسليح الأكراد فورا، وصلت ليل الأربعاء - الخميس أول شحنة أسلحة أميركية لوحدات حماية الشعب الكردية في مدينة المالكية بريف الحسكة شملت أسلحة ثقيلة.

محادثات جنيف

سياسيا، أعلن المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا إجراء جولة جديدة من محادثات جنيف قبل شهر رمضان، معتبرا أنه «من الممكن البناء على نتائج أستانة في الجولة السادسة».

ولفت ديميستورا في مؤتمر صحافي الى أنه «تتم مناقشة مناطق أخرى غير مناطق التهدئة التي نصت عليها أستانة والدول الضامنة لاتفاق أستانة هي التي تستطيع فرض تطبيق التهدئة»، محذرا من أن «التقسيم خطر يهدد مستقبل سورية».

وقال مسؤول الإغاثة يان إيغلاند إن الأمم المتحدة لايزال لديها «مليون سؤال» بشأن اتفاق روسيا وتركيا وإيران، مع ورود تقارير عن تراجع القتال، لكن قوافل المساعدات لاتزال معطلة بالكامل تقريبا.

back to top