أدمغة معلبة!
أدمغة معلبة بل هي بالأحرى معطلة، لا تقبل الرأي الآخر، ولا ترى هنالك داعيا لسماعه أصلا! تؤمن بأفكار ومعتقدات لا تقبل النقاش ولا النقد، ترى الحياة على أنها معسكر حرب، وعلى قدر صرامتك تدخل الجنة، لا تؤمن بالاختلاف، ولا بالتفكير العميق والتأمل، وتكره المختلف عنها شكلا وفكرا. أصحابها يرون أن على المرء أن يتبع نمطا معينا دون تفكير، خصوصا تلك التي تحاكي العادات والتقاليد، هنالك خط أحمر يصنعونه إزاء كل ما يمس عرف المجتمع، أنت كافر حتما إذا ما فكرت عكس التيار، وملحد وملعون أيضا إذا لم تتفق معهم! يحضرني موقف بسيط كتبت فيه تغريدة ذات مرة على "تويتر"، أمتدح فيه سحر الموسيقى الهادئة التي بإمكانها أن تردنا إلى إنسانيتنا التي شوشتها تناقضات الحياة، وألحقتها بأمثلة من أنواع الموسيقى التي تأخذك إلى عالم آخر بعيد عن صخب وضوضاء الحياة والناس من حولك، وسريعا وصلني رد من أحدهم يسأل: "وشلون على القرآن"؟ مكثت دقائق ألعن تلك التغريدة التي اقتحمت نيتي وحكمت علي بالتمرد والسفور، وصنفتني ببشاعة لا تشبهني، كيف يمكن للمرء أن يسيء فهمك إلى هذا الحد ليجرك إلى ما ليس فيك؟! وكيف يمكن لمن يدعي الدين أن يغتصب نوايا الناس دون حق؟ وأن يحكم على من حوله، فيصنف هذا بالصلاح وآخر بالفسق؟
إننا للأسف نعيش في مجتمع يحكم الناس فيه على غيرهم بأمور غيبية، فاعتادوا صرف صكوك الجنة والنار على أهوائهم، ثم نتساءل عن سبب غزو النفاق عالمنا، ذلك لأن المرء صار يخاف أن يبدي رأيه في شيء فيفسره من في قلبه مرض على حد جهله.كلنا في هذا الكون ناقصون مهما اجتهدنا، وكلنا أيضا يحمل في طيات نفسه بذرة طيبة أودعها الله في عباده مذ خلقهم، مهما امتد الشر فينا. همسة أخيرة: قد يدخل ببشاشتك كافر إلى الإسلام، وقد تنفر بجلافة قلبك مسلما عن دينه، فكن على حذر من سلاطة لسانك ومن كفرٍ يعشش في عقلك المتأسلم!