استعرض تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي قضية تلوث جون الكون، وهو أكبر حاضنة للأحياء المائية في البلاد، لا يزيد طوله عن 35 كيلومتراً ولا يزيد أقصى اتساع -عرض- له عن 20 كيلومتراً، ومساحته أصغر بكثير من حاصل ضرب الرقمين، حدثت فيه أكبر كارثة نفوق للأسماك في أغسطس وسبتمبر عام 2001، قدرتها "راغدة حداد" بالتعاون مع جريدة "القبس" في أكتوبر 2001 بنفوق نحو 3000 طن أو 70 مليون سمكة، كانت كافية لاستهلاك الكويتيين على مدى 5 أعوام.

وبعد تشخيص ومقترحات حلول من فرق بحثية محلية، استعانت الكويت بفريق ياباني لتكرار تشخيص الأسباب وتدريب فريق عمل دائم للتعامل مع أمراض الجون، ولم يخرج التشخيص عما نعرفه الآن، وهو، إغلاق منطقة "ديريدير" مما أبطأ من دوران المياه فيه، ميناءان لا يحتملها الجون، محطات تحلية المياه ومخلفاتها، عادم ضخ المياه لآبار النفط، الملوثات البشرية والصناعية والطبية النازفة من المجارير الظالمة في مياهه.

Ad

جون الكويت أسوأ

وأضاف تقرير "الشال" أن ما يأكله الناس وما يشربونه، جون الكويت مصدر رئيسي له، وبعد 16 سنة من حدوث الكارثة الأكبر عام 2001، وكانت جرس إنذار يفترض أن يحرك حس أي مسؤول، أصبح وضع جون الكويت أسوأ.

وقال إن مؤشرات تبعات التلوث بدأت مبكرة هذه السنة، فنفوق الأسماك بدأ في شهر أبريل، بينما كان يأتي في شهر أغسطس الحار والرطب والمسبب لنقص كبير في الأوكسجين المُذاب، وهو أمر يمكن معالجته بالحد الأدنى من الوعي البيئي وبعض العلاج الاصطناعي، ومنذ زمن بعيد. وتخرج الحكومة ببيان تؤكد فيه أن معدل نفوق الأسماك في هذه الفترة من العام هو ضمن المعدل المعتاد، بسبب تغير درجات الحرارة، إلى جانب أسباب بشرية ناجمة عن تلويث جون الكويت.

ما يجب أن نعرفه، هو، أن ما تعتبره الحكومة معدلات نفوق طبيعية هي معدلات في الأصل عالية جداً، وأن مخزون الأسماك إلى جانب مرضها، يهبط بمعدلات مخيفة، وأن ما يحدث جريمة بحق الجيل الحالي والأجيال القادمة.

وأشار التقرير إلى أن الكويت تحتل المرتبة 81 عالمياً في مؤشر البيئة الصادر عن جامعة "روتردام" لعام 2014، وقد جاءت في المرتبة 42 من إجمالي 178 دولة في مؤشر الأداء البيئي الصادر عن جامعة "يال" في عام 2014، لكنها تخلفت إلى المرتبة 113 عام 2016.

وبيان مجلس الوزراء يصادق على أن التخلف البيئي أمر اعتيادي مع بعض الزيادة في الملوثات. ذلك التخلف يتسق مع تخلف الكويت في مؤشرات مدركات الفساد والتنافسية وبيئة ممارسة الأعمال، ولا يجوز أن يصدر بيان رسمي يقبل أن يقارن بأن ذلك التخلف مازال ضمن مستوياته السابقة، وأقصى الطموح الحكومي أن تحافظ على تلك المستويات الهابطة.

الدكتور "سلام العبلاني" يقول، إن جون الكويت بلغ حالة مرضية مزمنة، وذلك حدث نتيجة جريمة تلويث الجون بالمخلفات الصناعية وغيرها التي تضعف من جهاز مقاومة الأحياء المائية في ثاني أفضل حاضنة لها في العالم، بما يحول أثر المسببات الطبيعية إلى حالة كارثية، ثم يذكر ثلاثة حلول ميسرة ومهملة منذ عام 2001 على أقل تقدير، أي إن ما يحدث صناعة بشرية.

متى نصدق بأن الكويت أفضل بكثير مما يحدث لها؟ ومتى نؤمن أنها بمواردها البشرية والمالية قادرة على أن تصبح أفضل بكثير من واقعها، وأن كل ما تقدم من تخلف وغيره، هو عجز الإدارة العامة؟ فالأزمات تحدث في أي بلد، لكنها تحدث متباعدة، ويستفاد من دروسها في اجتناب تكرارها والتحوط من غيرها، اليوم باتت الكويت تستيقظ من أزمة هذا الأسبوع لتفاجأ في الغد بأخرى، بينما الإقليم لم يعد نفس الإقليم، ولم تعد الموارد نفس الموارد، فالمعطيات باتت أصعب بكثير، ومواجهتها تتطلب قدرات إدارية أفضل بكثير من مجرد إحالات كوارثها إلى النيابة العامة.