برعاية وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، افتتح رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري د. خالد سرور معرضاً استعادياً للفنان الرائد سيد عبد الرسول، ضمّ مجموعة من أهم لوحاته، تزامناً مع مرور مئة عام على ميلاده، وامتلأت قاعة أفق بمتحف محمد محمود خليل بعدد كبير من الشخصيات الثقافية والفنية وتلامذة المبدع الراحل.

أشار د. خالد سرور إلى تفرّد إبداع سيد عبد الرسول كفنان شامل إنحاز إلى مصريته وإلى جذوره الحضارية والثقافية العربية، رغم ظهوره في خمسينيات القرن الماضي، وتأثر عدد كبير من مُبدعيها بدعوات الحداثة الغربية، بينما توثقت لوحاته بمفردات وخصائص البيئة المصرية، وتراوحت بين الأصالة والتجريب، وتوظيف الرمز ودلالاته، لتفيض مسطحاته بحالة خاصة من التوهج الإبداعي.

Ad

من جهته، قال مدير قاعة «أفق» الفنان إيهاب اللبان، إن المعرض يحتفي بقامة إبداعية لها تاريخ فني كبير، واتخذ من التراث المصري مادة خصبة، وطوّعها بأسلوبه الفريد لينتج عالماً مميزًا، يضرب بجذوره في منابع الحضارات المصرية المتعاقبة «الفرعونية والقبطية والإسلامية» ويحتوي على رؤى فنية مفعمة بحس أصيل، متنقلاً بين مجالات الفنون المختلفة.

يذكر أن سيد عبد الرسول أحد أهم رواد التعبيرية في الحركة التشكيلية المصرية، وحاصل على دبلوم «التصوير» من أكاديمية الفن بروما 1939، وأقام معارضه في القاهرة وموسكو وبكين وبودابست وغيرها، وهو أول فنان تشكيلي مصري يحصل على وسام العلوم والفنون من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر 1958، واقتنيت أعماله لدى أفراد وهيئات داخل مصر وخارجها.

الهوية والإبداع

من جهة أخرى، افتتح الفنان نجيب معين معرضه الجديد «طريق أوريليوس» في غاليري مصر بحي الزمالك في القاهرة، وضمّ نحو 15 عملاً نحتياً بخامتي الخشب والحجر، مجسداً تفاعل الثقافات والحضارات الإنسانية، ذلك بحضور لفيف من النقاد والفنانين ومحبي الفنون الجميلة.

عن معرضه قال معين إنه نتاج تفاعله مع المحفز البصري والحضاري، ورحلته في «طريق أوريليوس» كحلقة وصل بين ثقافات جنوب المتوسط والشمال الأوروبي، وكان سفره إلى إيطاليا بمنزلة ميلاد لتجربته النحتية، وعثوره على المكملات الثقافية والبصرية لثقافة البحر المتوسط التي ينتمي إليها.

وذكر الناقد التشكيلي د. ياسر منجي: «بحث معين على امتداد «طريق أوريليوس» يتجاوز الاستحضار النوستالجي لشريحة زمنية في ثقافة مغايرة، بل هو التقاط واع لرمزيةٍ حضارية، وارتباطها بكبريات العمائر القوطية، فضلاً عن أنه يطرح مفهوم الهوية خارج حدود المألوف والمَحَلّي».

من جهته، ألمح مدير الغاليري الفنان محمد طلعت، إلى أن أعمال معين تجسّد بصمة إبداعية في الأسلوب والتقنية والمضمون، ودائماً يميل إلى صهر مكونه الحضاري والثقافي في معين المكون الحضاري الإنساني، فتأتي منحوتاته وكأنها تلخيص اختزالي ومكثف ومعاصر لهذا الحوار المتعمق بين الكتلة النحتية ورؤيته لماهية الفن.

يذكر أن نجيب معين حصل على بكالوريوس الفنون الجميلة في النحت من جامعة الإسكندرية 2003، ودبلوم فن النحت من أكاديمية الفنون الجميلة في كرارا بإيطاليا 2014، وشارك في معارض وفعاليات مصرية ودولية، ونفَّذ أعماله في أستوديو كارلو نيكولي للنحت بكرارا (2012 - 2014) وفي مركز فونسيدال للنحت في بافاريا بألمانيا (2014 ـ 2015).

صندوق الدنيا

استضافت قاعة حامد عويس بالإسكندرية معرض «دنيا» للفنانة د. سماء يحيى، وضمّ مجموعة من رسوماتها وعرائسها الخشبية، المستوحاة من فنون التراث الشعبي. حضر الافتتاح لفيف من الفنانين، من بينهم الفنان القدير عصمت دوستاشي، وجمال مليكة، وماهر جرجس، وإبراهيم الطنبولي، وعبد الله دوستاشي، وعلي سعيد (مدير المتحف)، وفنان الكاريكاتور مصطفى علي، والفنان العراقي سعد الهندال.

لفت عصمت دوستاتشي إلى تفرد سماء يحيى بثلاثة محاور رئيسة، أولها عرائسها الخشبية المستوحاة من عروسة المولد، وتجسيمها بتقنيات بسيطة متقنة لأول مرة في ساحة التشكيل العربي، وثانيها معلقاتها على قماش الخيامية بالوجوه المصرية لبنت البلد وشاطئ النيل وأشرعة المراكب، وثالثها تفوقها في رسوماتها بالأبيض والأسود.

من جانبه، قال جمال مليكة: «نقلتني أعمال يحيى إلى عالم طفولتي وصندوق الدنيا، وجعلتني أتجول داخل ذكريات مضت، وتواصل في «دنيا» تفردها في استلهام فن «الخيامية» المحمل بالزخارف وفضاء الموروثات الشعبية، وتعكس منحوتاتها الخشبية حالة من البهجة والمتعة البصرية، والانحياز إلى البراءة والجمال».

يذكر أن معرض «دنيا» هو الثاني خلال هذا العام لسماء يحيى، وسبقه في يناير الماضي معرضها «هنا عرايس بتترص» في قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا بالقاهرة، وهي استهلت حضورها في الساحة التشكيلية بمعرضها الأول «الراوي» 2012، وتوالت معارضها الخاصة ومشاركاتها المحلية والدولية، ذلك من خلال مشروع إبداعي يرتكز على استلهام فنون التراث الشعبي في مصر والعالم العربي.