«ليبانون فاكتوري»... الهجرة واللجوء السوري وبيروت والعلاقات العائلية

• محاور أفلام مشتركة بين مخرجين لبنانيين وأجانب تُعرَض في «كانّ»

نشر في 14-05-2017
آخر تحديث 14-05-2017 | 00:09
أنجز مخرجون لبنانيون مع شركائهم الأجانب أربعة أفلام قصيرة مشتَرَكَة ستُعرَضُ في افتتاح تظاهرة «أسبوعًي المخرجين» La Quinzaine des Réalisateurs خلال مهرجان «كانّ» السينمائي الفرنسي في مايو الجاري، وهي تندرج في إطار برنامج بعنوان La Factory («المصنع») أطلق قبل خمسة أعوام ويهدف إلى تشجيع المخرجين الشباب من مختلف أنحاء العالم والذين يعملون على أوّل أو ثاني فيلم روائي لهم.
ستُعرّض أفلام برنامج «المصنع» الأربعة للمرة الأولى في 18 مايو الجاري في افتتاح تظاهرة La Quizaine des Réalisateurs ضمن «كانّ». وستتاح للمخرجين فرصة عرض مشاريع أفلامهم الروائية الأولى أو الثانية للمنتجين والموزّعين ضمن السوق التي تقام خلال المهرجان.

ويشكّل موضوع اللجوء السوري إضافة إلى هاجس الهجرة إلى أوروبا، محور أحد الأفلام الأربعة، فيما تشكّل بيروت المتغيرة حجراً وبشراً، خلفية اثنين من الأعمال الأربعة. وبينما يركّز أحد الأفلام على العلاقات العائلية، يثير فيلم آخر الاعتبارات الطبقية في العلاقات الاجتماعية.

تجربة إنسانية

قالت صاحبة فكرة الـ«فاكتوري» أو «المصنع» دومينيك فيلينسكي إنها النسخة الخامسة من المشروع بعد تايوان عام 2013، ثم الدنمارك وفنلندا عام 2014، وتشيلي عام 2015، وجنوب أفريقيا عام 2016.

وأضافت: «اخترنا لبنان لأنّ المشروع يهدف إلى إبراز سينمائيّين في أماكن نشعر بأنّها تشكّل قاعدة لمواهب شابة. وفكرة تنفيذ المشروع في لبنان نابعة من رغبتي ومن رغبة شركة أبوط برودكشن للإنتاج».

وأبدت شركة «أبوط برودكشن» رضاها عن نتيجة المشاريع الأربعة، واعتزازها بأنها، من خلال مساهمتها في هذا المشروع، ستتيح الفرصة لتسليط الضوء على مواهب لبنانية في أحد أهم الأحداث السينمائية العالمية. أما رئيسة «مؤسسة سينما لبنان» مايا دوفريج، فاعتبرت أن «أهمية المشروع تكمن في أنه يوفّر مشاركة لبنانية بارزة في مهرجان كانّ، وعلى الصعيد الشخصي يساعد المخرجين على تسويق مشاريع أفلامهم الطويلة من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للتواصل مع المنتجين».

ورأت فيلينسكي أن «التجربة إنسانيّة لأنها تجمع مخرجين من ثقافات عدة، وتقوم على الحوار والانفتاح والتفاعل الثقافي بينهم، وعلى التعاون بين أساليب عمل مختلفة». وأشارت إلى أن «فاكتوري» يساهم في تغيير نظرة المخرجين المشاركين إلى السينما».

وتعاون المخرجون، كلّ من بلده بواسطة «سكايب»، على كتابة السيناريو، ثم حضر الأجانب إلى لبنان وأنجزوا تصوير الأفلام وتوليفها مع زملائهم اللبنانيين طوال شهر مارس.

وأعتبر المخرجون أنّ الكتابة المشتركة بين شخصين من ثقافتين مختلفتين «تجربة مُثرية وفريدة»، وأن التكامل بينهم كان مفيداً لأفلامهم. وأجمعوا على أنهم لمسوا من خلال هذه التجربة أن «السينما لغة عالميّة تصلح في كلّ زمان ومكان»، مما يمكّن المخرجين الأجانب من تخطّي الطابع المحليّ لقصة الفيلم، ويجعل من لغة الأخير عنصراً غير ذي أهمية ولا يشكّل عائقاً أمامهم.

«تشويش»

شارك اللبناني أحمد غصين، الفائز عام 2011 بجائزة أفضل فيلم قصير في «مهرجان الدوحة تريبيكا» عن شريطه «أبي ما زال شيوعياً»، مع الفرنسية لوسي لاشيميا، المتخصصة في مجال التحريك، في تصوير فيلمهما القصير «تشويش» White Noise، فيما يتولى سعيد سرحان الدور الرئيس في العمل المشترك الذي تبلغ مدته 17 دقيقة.

يتناول الفيلم قصّة سعيد الذي يتولى وظيفة حارس، ويكون مركزه تحت جسر فؤاد شهاب في وسط بيروت. في أول يوم عمل له، يُؤدي مهمّته بكثير من الجدّية، ولكن مع حلول الصباح، يُدرك أنه عاجز أمام ما يحصل أمامه، ولا يحرس عملياً أي شيء. ورأى المخرجان أن الفيلم «يتناول بطريقة مبتكرة الواقع الذي تعيشه بيروت، من خلال قصة هذا الحارس الذي سحقته المدينة، والعنف الذي يهجم عليه بطريقة سرياليّة، وهو فيلم عن وحدة هذا الحارس والإنسان في المدينة وعن وظيفة حراسة شيء ليس بمقدورنا حراسته وحمايته».

«سلامات من ألمانيا»

أما فيلم «سلامات من ألمانيا» Salamat from Germany (17 دقيقة) للبناني رامي قديح والبوسنية أونا غونجاك، مع إيلي نجيم تمثيلاً، فيتناول قصة شاب لبناني ينتحل صفة لاجئ سوري كي يتسنى له تحقيق حلمه بالهجرة إلى أوروبا والاستقرار فيها، فيشتري جواز سفر سورياً مزوّراً، ويفعل كل ما يلزم ليبدو سوريّ الهويّة، ولكنّه لم يتهيأ لِتَبعات أنْ يكون لاجئاً سورياً.

قال المخرجان إن الفيلم لا يتناول فقط قصة شخص يستغل أزمة اللجوء السوري ويسعى إلى الاستفادة منها لمصلحة شخصية، بل يتطرق من خلالها إلى المأساة التي يعيشها السوريون، وقصص نزوحهم، ووضعهم في المجتمع اللبناني، ويبيّن كذلك معاناة اللبنانيين التي تدفعهم إلى السعي إلى الهجرة.

يذكر أن لغونجاك، الآتية من خلفية تنوّع ثقافيّ ودينيّ في بلدها البوسنة، فيلماً قصيراً بعنوان The Chicken عُرِض في مهرجانات عدة من بينها «كانّ» عام 2014 و»سندانس» 2015 ونال 45 جائزة. أما رامي قديح ففاز فيلمه «عجلات الحرب» بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان بيروت الدولي للسينما عام 2015 وفاز بجوائز أو عرض في مهرجانات أخرى، بعدما كان فيلمه «وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح» الذي نال عامي 2007 و2008 شارك في مهرجانات عدة من بينها «كليرمون فيران» للأفلام القصيرة وفاز بجوائز أيضاً.

«أوتيل النعيم»

يتناول فيلم «أوتيل النعيم» Hotel Al Naim (14 دقيقة) للبنانية شيرين أبو شقرا والإيطالي- السويسري مانويل ماريا بيرّوني قصة شخصين يلتقيان عند شاطئ البحر، وسرعان ما يسرّ كلّ منهما إلى الآخر بتفاصيل عن حياته ومشاكله: أحدهما مقاول يشيّد مبنى ضخماً في بيروت، والثاني مقامر فَقَدَ كثيراً مما يملكه بسبب مراهناته الخاسرة، ويدير فندقاً متواضعاً ملاصقاً لهذا المبنى.

تتطور علاقتهما إلى صفقة يتبيّن أنها ليست سوى مكيدة مدبّرة. ويضمّ الشريط في الأدوار التمثيلية كلاً من الفنان أحمد قعبور وسامي حمدان.

قال المخرجان إن «بيروت هي الإطار المكاني للعنصر السردي في الفيلم، أما العنصر الدرامي فهو صالح لكل زمان ومكان، ويتمحور حول لقاء شخصين من طبقتين اجتماعيّتين مختلفتين، في مكان تتلاشى فيه المعايير والقواعد الاجتماعيّة، وهو شاطئ البحر. وهو فيلم عن الذكوريّة التي تتقدّم على اعتبارات الطبقة الاجتماعيّة».

وجمعت أبو شقرا دراسة العلوم السياسية إلى دراستها الفنية في الاستوديو الوطني للفنون المعاصرة («فريسنوي») في فرنسا، فيما يأتي زميلها من خلفية مسرحية استكملها بخبرته في «أكاديميّة صانعي السينما» في مهرجان لوكارنو السينمائي.

«الغران ليبانو»

أمّا «الغران ليبانو» El Gran Libano (16 دقيقة) للبنانية مُنيا عقل وإرنستو (نيتو) فيلالوبوس من كوستاريكا، ومعهما تمثيلاً كلّ من ثريا بغدادي وجورج دياب وألكسندرا القهوجي، فيروي قصّة رجل وشقيقته يلتقيان للمرّة الأولى منذ 12 عاماً، بعدما عاش الرجل منعزلاً في إحدى المناطق الريفية: عندما يفيق باسم من حالة سُكره الشديد جنب البحيرة وبين أسماكه النافقة، يجد أخته يمنى تقف أمامه ومعها نعش. ويتبيّن للشقيقين أنهما، رغم اختلافهما الكبير، يتشاركان أموراً كثيرة، التافه منها والبسيط، وبالتالي يدركان أنهما عائلة ويحتاج أحدهما إلى الآخر. ووصف المخرجان الفيلم بأنه «حزين لكنّه تفاؤليّ، وفيه خيط رفيع بين الأمل والسخرية».

وتدرّس عقل الإخراج وكتابة السيناريو في جامعات ومعاهد أميركية، وعُرِض فيلمها القصير الأخير Submarine ضمن مهرجانات «كانّ، وتورنتو، وهامبتونز، ودبي»، وسواها. أما فيلالوبوس فعرض فيلمه الروائي الأوّلPor las Plumas في مهرجانات عدة من بينها «تورنتو» و«سان سيباستيان».

الإنتاج

تنتج شركة «أبوط برودكشن» الأفلام الأربعة مع صاحبة مبادرة إطلاق «لا فاكتوري» دومينيك فيلينسكي ومع «أسبوعي المخرجين» بالاشتراك مع «مؤسّسة سينما لبنان»، وبالتنسيق مع وزارة الثقافة، وبالتعاون معGinger Beirut Productions؛ وPlatform Studios وLucid وDB Studios وHecat Studio و«معهد الدراسات المسرحيّة والسمعية والبصرية والسينمائية» التابع لـ«جامعة القديس يوسف»، وCineli digital، وبرعاية مؤسسة «إيدال» و«غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان» وTV5 Monde و«طيران الشرق الأوسط» ومجموعة GroupMed وشركة «مدكو» وIxsir.

المخرجون اعتبروا أنّ الكتابة المشتركة بين شخصين من ثقافتين مغايرتين تجربة مُثرية

المخرجون لمسوا من خلال هذه التجربة أن «السينما لغة عالميّة تصلح في كلّ زمان ومكان»
back to top