للمرة الخامسة أَجَّل اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، المنعقد في المنامة عاصمة البحرين، اتخاذَ قرار بشأن طرد ستة فرق كرة قدم استيطانية إسرائيلية تلعب في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مخالفة واضحة للقانون الدولي، وفي تعارض مع التزام "الفيفا" المعلن بحقوق الإنسان وتعهداته بشأن المسؤولية الاجتماعية.وقد تدخل نتنياهو شخصياً من خلال اتصاله برئيس "الفيفا" إنفانتينو لضمان شطب الموضوع من جدول أعمال الجمعية العمومية.
هذا التأجيل الذي تم بأغلبية أصوات الجمعية العمومية يعيد طرح تساؤلات كبيرة حول طبيعة السياسات التي توجه الاتحاد الدولي لأكثر رياضات العالم شعبية؛ إذ كيف يسمح الاتحاد الدولي باستمرار عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم وهو يضم ستة فرق استعمارية استيطانية موجودة بشكل غير شرعي في مستعمرات "معالية أدوميم" و"كريات آبا" و"جيفعات زئيف" وغيرها؟ وكيف يسمح للاتحاد الإسرائيلي باستخدام موارد "الفيفا" وتسهيلاته لدعم هذه الفرق الاستعمارية؟وكنموذج آخر للنفاق الدولي وازدواجية المعايير يسكت "الفيفا" عما تقوم به إسرائيل، في حين أجبر الاتحاد الروسي على إخراج فريق "القرم" من عضويته بسبب أحداث أوكرانيا. وفي الواقع فإن مخالفات إسرائيل والاتحاد الإسرائيلي لا تقتصر على ضمه لستة فرق استعمارية، بل تمتد إلى التمييز العنصري ضد اللاعبين الفلسطينيين، ومنعهم من حرية الحركة وحرمان لاعبين كثيرين من قطاع غزة من حقهم الطبيعي في المشاركة في المباريات الدولية، كما تشمل الممارسات العنصرية الاعتقالات العشوائية والإضرار بالمرافق الرياضية.قبل سنوات، عُزِل واحد من أشهر فرق "الرغبي" الرياضية في العالم وحرم من خوض المباريات بسبب انتمائه إلى نظام الفصل العنصري، ولعب ذلك العزل والتأثير النفسي والسياسي الذي تركه، بالإضافة إلى أنشطة المقاطعة ضد البضائع والجامعات والفرق الفنية والثقافية لجنوب إفريقيا، دوراً حاسماً في القضاء على نظام الفصل العنصري وإجبار حكومة بريتوريا على إنهائه والخضوع لصوت الأغلبية الذي مثله نيلسون مانديلا والمؤتمر الوطني الإفريقي.وبعد إسقاط نظام الأبارتهايد شجع مانديلا بنفسه فريق "الرغبي"، وأغلبية لاعبيه من البيض، وسلمه بيده كأس الفوز ببطولة العالم عام 1995، وهو يرتدي قميص الفريق، ولكن برقم (46664)، وهو رقم مانديلا عندما كان سجيناً في زنازين الأبارتهايد لسبعة وعشرين عاماً. الرياضة وكرة القدم نشاط نبيل يجب أن يلتزم بحقوق الإنسان وباحترام القانون الدولي، وتحويلها إلى تجارة يؤدي إلى إفسادها كما جرى لـ"الفيفا" الذي ما زال يجرجر ذيول فضائحه.والالتزام الأخلاقي بالحقوق الإنسانية يقتضى من "الفيفا" وأعضائه، ليس فقط طرد الفرق الاستعمارية الاستيطانية الستة، بل طرد كل الاتحاد، الإسرائيلي وفرقه، ومقاطعتها ما دامت إسرائيل تواصل تكريس نظام "الأبارتهايد الجديد" والأسوأ في تاريخ البشرية.كان حرياً بالجمعية العمومية للفيفا، وهي تُعقَد على أرض عربية، وعلى مسافة أقل من شهر من الذكرى الخمسين لأطول احتلال في التاريخ البشري، وفي وقت يشعر فيه الجميع بآلام الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، أن ترتقى إلى مستوى شعاراتها ومواثيقها وتعهداتها، لا أن تواصل منافقة حكام إسرائيل العنصريين.سيأتي يوم يتحقق فيه للفلسطينيين ما تحقق لشعب جنوب إفريقيا من انتصار على العنصرية، وعندئذٍ سيتذكرون، وسيتذكر شرفاء العالم من وقف إلى جانب الحق والعدالة، ومن تهرب من واجباته. * الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
مقالات
اطردوا إسرائيل من «الفيفا»
14-05-2017