حذر مدير المكتب الأوروبي لأجهزة الشرطة الأوروبية (يوروبول)، روب وينرايت، أمس من هجمات إلكترونية جديدة باستخدام برنامج الفدية (رانسوم وير) قد تطول عددا من البلدان اليوم «عندما يعود الناس إلى عملهم ويفتحون حواسيبهم». وقال وينرايت، في مقابلة مع تلفزيونية، إن الهجوم الإلكتروني الذي ضرب أهدافا في مختلف أنحاء العالم قبل يومين أوقع 200 ألف ضحية، هي بشكل رئيس من الشركات في 150 بلدا على الأقل، مستغلا ثغرات في نظام «ويندوز».
وأضاف وينرايت: «نقوم بعمليات للتصدي لنحو 200 هجوم معلوماتي سنويا، ولكننا لم نر مثل هذا من قبل»، ولكنه أشار إلى أن عددا قليلا بشكل ملحوظ من عمليات دفع فدى من ضحايا الهجوم قد حدث حتى الآن.وبينما بدأت مطاردة دولية للمخططين لهذا الهجوم الذي وصف بأنه أكبر عملية قرصنة الكترونية لطلب الفدية في العالم، أكد وينرايت أن «يوروبول» تعمل مع مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي لتقفي أثر المسؤولين عن الهجمات الإلكترونية، وأنه من المرجح أن يكون عدة أشخاص وراء هذا العمل. وأوضح أن الجرائم الإلكترونية تحدث بشكل متزايد في الخفاء، ما يعني أنه «من الصعب جدا التعرف على القراصنة أو تحديد مواقعهم». كما أكد ميكو هيبونين المسؤول في الشركة المعلوماتية «إف- سيكيور» في فنلندا أنه «أكبر هجوم من هذا النوع في التاريخ»، مشيرا الى «اختراق 130 ألف نظام في مئة بلد في العالم».أما الشرطة الفرنسية فقد ذكرت أن موجة الهجمات الالكترونية أصابت «أكثر من 75 ألف» جهاز كمبيوتر في العالم حتى الآن. وقالت مساعدة رئيس إدارة مكافحة جرائم المعلوماتية فاليري مالدونادو: «إنها حصيلة لعدد أجهزة الكمبيوتر التي تعرضت للهجمات، ولاتزال موقتة وسترتفع على الأرجح في الأيام المقبلة».وباستخدام برنامج الفدية (رانسوم وير) يمنع المستخدم من فتح برامجه، ويجبره على دفع مبلغ من المال قيمته 300 دولار (275 يورو) لاستعادتها في مهلة 3 أيام. وتدفع الفدية بالعملة الافتراضية «بيتكوين» التي يصعب تقفي أثرها.وتم إحصاء نحو خمسة ملايين رسالة إلكترونية كل ساعة تحاول نشر البرنامج الخبيث الذي يحمل أسماء «واي كراي» و»وانا كراي» و»وانا كريبتور» و»وانا كريبت» و»وانا ديكريبتور».وبقي بعض الخبراء متحفظين حيال انتشار الفيروس. وقال لوران ماريشال الخبير في الأمن المعلومات في شركة «ماك-افي»، «لا نعرف حتى الآن ما إذا كان الأمر في انحسار أو في تصاعد».
يوم مشحون للشركات
على مستوى الشركات، سارعت الفرق الفنية أمس إلى إصلاح أجهزة الكمبيوتر وسط مخاوف من أن هجوما إلكترونيا عطل مصانع سيارات ومستشفيات ومتاجر في مختلف أنحاء العالم قد يحدث فوضى من جديد اليوم مع عودة الموظفين للعمل.وقال خبراء في أمن الإنترنت إن انتشار الفيروس الإلكتروني قد تباطأ، لكنهم حذروا من أن الهدنة قد تكون قصيرة.وقال مارين إيفزيتش الشريك في «برايس ووتر هاوس كوبرز»، والمتخصص في أمن الإنترنت إن «بعض العملاء يعملون على مدار الساعة منذ انتشرت الأنباء لإصلاح الأنظمة وتحديث البرمجيات أو تثبيت رقع برمجية، أو استعادة الأنظمة من النسخ الاحتياطية».وأصدرت «مايكروسوفت» رقعا برمجية الشهر الماضي ويوم الجمعة لإصلاح الثغرة التي سمحت للفيروس بالانتشار عبر الشبكات.وكانت مجموعة تعرف باسم «شادو بروكرز» نشرت على الإنترنت في مارس شفرة اختراق هذه الثغرة التي تعرف باسم «إترنال بلو».وزعمت المجموعة أن الشفرة سُرقت من مركز لأدوات القرصنة تابع لوكالة المخابرات الوطنية الأميركية. كما يتوقع أن يكون اليوم مشحونا، خاصة في آسيا التي ربما لم تشهد بعد أسوأ التأثيرات مع استئناف الشركات والمؤسسات تشغيل أجهزة الكمبيوتر في مكاتبها.النووي البريطاني
في السياق، استبعد وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، أمس، تعرض الدرع النووي البريطاني (ترايدنت) لأي اختراق إلكتروني كالذي وقع يوم الجمعة الماضي.وذكر فالون في تصريح أن «السلطات العسكرية غير قلقة من إمكان تعرض أنظمة الغواصات النووية البريطانية لأي هجوم أو فيروس يمكن أن يعطل عملها أو يهدد أمنها».وأوضح أن «غواصات فان غارد التي تشغل الدرع النووي تعمل بعزلة تامة عندما تكون في مهماتها بأعالي البحار والمحيطات»، مؤكدا ثقته التامة بأمن وفاعلية الدرع.وأشار فالون الى تخصيص الحكومة البريطانية منذ العام الماضي 1.9 مليار جنيه استرليني ( 2.45 مليار دولار) لتعزيز منظومة الأمن البرنامج الفدية (رانسوم وير) الإكتروني، كما خصصت 50 مليون جنيه منها لحماية نظام منظومة الصحة الوطنية (إن.ايتش.اس).وكانت وزارة الداخلية البريطانية أكدت أمس الأول عودة الخدمات الإلكترونية والهاتفية الى 42 مستشفى وعيادة طبية من مجموع 61 تعرضت لهجوم إلكتروني كبير في إنكلترا واسكتلندا يوم الجمعة الماضي.فيروس إلكتروني قد يشعل حرباً نووية
لم تضرب الهجمة الفيروسية العالمية الأخيرة الشركات والهيئات الحكومية في 150 دولة في العالم، فحسب، بل قرعت جرس إنذار من سيناريو كارثي قد يدفع العالم إلى «حرب نووية» من جراء فيروس حاسوبي.ويعني ذلك أن الولوج لمؤسسات حساسة، والسطو على «أسلحة إلكترونية»، قد يكون قريبا من متناول القراصنة، ما يمكنهم من شن هجمات أكثر شراسة وأوسع نطاقا.لكن هناك ما هو أسوأ، فبحسب موقع «سيليكون ريبابليك»، المتخصص في التكنولوجيا، فإن الحرب العالمية القادمة، والتي غالبا ما ستكون نووية، قد تندلع بسبب «فيروس» إلكتروني.وبحسب ورقة بحثية نشرها ساندرو غايكين، مدير مشروع «إس بي إس» للدفاع الإلكتروني، التابع لحلف شمال الأطلسي، فإن نقاط الضعف الموجودة في الأنظمة العسكرية قد تؤدي إلى حرب نووية كارثية.ووضع غايكين تصورين لاحتمال وقوع هذه الكارثة، أولهما قائم على افتراض لجوء روسيا إلى نسخة محدثة على الحاسوب من نظام «اليد الميتة»، الذي صنعه الاتحاد السوفياتي لإطلاق الصواريخ النووية بشكل ذاتي إذا تعرض البلد لهجوم نووي. وفي هذه الحالة، يمكن تضليل نظام «اليد الميتة»، من خلال فيروس بمعلومات خاطئة عن تعرض روسيا لهجوم نووي، وهو ما سيستدعي الرد تلقائيا بإطلاق الصواريخ النووية في هجوم انتقامي مبني على معلومة مزيفة.أما التصور الثاني بحسب غايكين فإنه يعتمد على اختراق فيروس لنظام إطلاق أسلحة نووية، ليصبح قادرا على إطلاق الصواريخ.وما يجعل السيناريو الكارثي محتملا هو ما حدث بالفعل عام 2010، عندما قامت أجهزة الاستخبارات الأميركية، حسبما يعتقد، بهجوم إلكتروني على منشآت إيران النووية لتعطيلها، عبر فيروس «ستكسنت».وبالنظر إلى ذلك، يرجح غايكين أن يكون الفيروس النووي القادم من صنع دولة لديها الإمكانات الكافية على شن هجوم مماثل، وليس من صنع مجموعة قراصنة.وما يثير القلق حقا هو ما يعتقده غايكين بأن الدول، خاصة النووية منها، لم تعر انتباها يذكر لاحتمال حدوث نتائج كارثية لهجمات معلوماتية من هذا النوع، قائلا إن الحكومات غير قادرة على فهم تعقيدات هذه القضايا.