رياح وأوتاد: ندم الطبطبائي غير الصحيح
ربما لا يعلم الأخ وليد الطبطبائي مدى الخطأ الذي أعلنه في أحد لقاءاته التلفزيونية عندما أبدى ندمه على الموافقة على شطب الاستجواب الذي قدمه لي النائب حسين القلاف عندما كنت وزيراً للعدل، إذ إن الطبطبائي رغم إقراره بعدم دستورية الاستجواب في اللقاء نفسه فإنه ذكر أن الشطب كان خطأً، وكان على الوزير أن يصعد المنصة ويدافع عن رأيه بدلاً من الشطب! وتصريح الأخ العزيز الطبطبائي هذا عجيب وخطير جداً، وهو يعني بصراحة أن للمجلس أن يبدأ ويسير في إجراءات معينة وهو يعلم أنها غير دستورية. وربما لا يعلم كثير من الناس أن في جلسة الاستجواب يبدأ المستجوب بالكلام أولاً، ويعطى مدة لا تقل عن ساعة ونصف، وبناء على ما ذكره الطبطبائي فإن المستجوب إذا صعد هو والوزير إلى المنصة يمكنه أن يدوس في بطن الدستور في هذه المدة قبل أن يتمكن الوزير من الرد عليه عندما يأتيه الدور بعد ذلك.
وعلى سبيل المثال سيستجوب وزير العدل على قرارات النائب العام والأحكام القضائية التي لا تروق للنائب أو لأحد ناخبيه، ويتم تقريع القضاة والنائب العام، ثم سيرد الوزير أن كلام المستجوب غير دستوري بعد أن يكون قد تحقق للمستجوب هدفه، وسيتقدم نائب آخر ليستجوب وزير الصحة ويأتي بأسماء المرضى وتشخيصهم، ونائب ثالث سيتحدث عن الأحوال الشخصية لوليد الطبطبائي وسبب الخلاف العائلي، ونائب رابع عن الرواتب والمعاشات الخاصة لمواطن على خلاف مع هذا النائب، كل ذلك على المنصة، وقبل أن يتمكن الوزير من الرد، وهكذا سيتحول مجلس الأمة إلى سوق كلام فوضوي لا حدود ولا ضوابط له. وإذا قال قائل إن المجلس يجب أن يوقف المستجوب إذا تطرق إلى هذه الأمور المخالفة للدستور فنقول له: فلماذا إذاً سمحت له أن يصعد إلى المنصة، ويبدأ استجوابه وأنت تعلم أن ما سيقوله مخالف للدستور؟ أليس من الأوجب أن يناقش المجلس دستورية الاستجواب أولاً إذا كان أحد محاوره يخالف الدستور؟ ألم يحصل ذلك في استجواب الأخ القلاف عام 2001 حيث ناقش المجلس دستوريته في قاعة عبدالله السالم نفسها قبل الصعود، وكان من محور واحد يتعلق بقرار للنائب العام، وقرر تكليف اللجنة التشريعية بدراسته، حيث قدمت تقريرها القاضي بعدم دستوريته ووجوب شطبه من جدول الأعمال، وكان من أعضائها الفطاحل في القانون؟ وأيضا ألم يتم ذلك في استجواب سابق لوزير الصحة بشأن أسماء المرضى وطبيعة أمراضهم الذي بتت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته؟ وكذلك أيضا ألم تبت المحكمة الدستورية في قرار المجلس بتكليف الأخ حمد الجوعان، رحمه الله، فنصت على أحقية الاطلاع على محاضر البنك المركزي دون الاطلاع على أسماء وحسابات الأشخاص؟ أليس من المؤسف أن يأتي الآن، رغم كل هذه السوابق والأحكام الدستورية، بعض النواب في خوف ظاهر من توجه شعبوي لا أساس له في الدستور، فيصرحون أنهم ضد الشطب، وأن على الوزير الصعود إلى المنصة حتى لو كان الاستجواب غير دستوري؟! أليس الدستور هو العقد الذي ينظم هذه الأمور في المجلس؟ إن أحكام الدستور ملزمة، وعلى النائب الحصيف أن يمتثل لها ويشرحها للمواطنين حتى إن كانت لا تروق لبعضهم وذلك إبراء لقسمه، والله الموفق.