ملتقى القاهرة الدولي الثاني للنقد الأدبي... حوار مع النصّ
• تكريم الراحل عبد القادر القط وقراءة نقدية لديوانه المجهول
افتتح وزير الثقافة المصري حلمي النمنم ملتقى القاهرة الدولي الثاني للنقد الأدبي الذي نظّمه المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وأهديت دورة هذا العام «الحوار مع النص» للناقد الراحل د. عبد القادر القط. تضمّن الملتقى بحوثاً عدة في قضايا النقد العربي المعاصر، وتطبيقاته على الأجناس الأدبية المختلفة، وحضره 70 باحثاً وناقداً متخصصاً من الدول العربية.
شهد افتتاح ملتقى القاهرة الدولي الثاني للنقد الأدبي حضور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة المصري د. حاتم ربيع، ورئيس الملتقى د. أحمد درويش، وأستاذ اللغة العربية بجامعة باكو بأذربيجان هيبة هيبتوف، والناقد الكبير د. محمد عبد المطلب، ونورا عبد القادر القط التي تسلمت درع تكريم والدها الناقد الراحل، تقديراً لدوره البارز في إثراء الساحة النقدية والثقافية المصرية.
غياب النقد
لفت وزير الثقافة المصري حلمي النمنم إلى أهمية الملتقى، وطرحه قضايا عدة متعلّقة بالنقد العربي الراهن، من بينها غياب النقاد عن الساحة، لا سيما أن هذه الفعالية تحمل اسم الناقد الكبير عبد القادر القط، بوصفه أحد العمالقة في هذا المجال، متمنياً أن تواصل الأجيال الجديدة مسيرته، وأن يحظى نقادنا العرب بالتكريم، وتذهب إليهم الجوائز مثل كتاب الروايات والشعر، مشيراً إلى وجود أزمة متبادلة بين النقاد والمبدعين ظهرت في الآونة الأخيرة، فالناقد يعاني التجاهل، إذ تذهب الجوائز والشهرة إلى المبدعين، ما تسبب في عزوف النقاد عن الكتابة النقدية، وشعور المبدعين بغياب النقاد.وفي كلمته عن المشاركين من خارج مصر، قال أستاذ اللغة العربية بجامعة باكو بأذربيجان هيبة هيبتوف: «القاهرة تحتضن ملتقى بالغ الأهمية، فللنقد الأدبي دور كبير في تثقيف الشعوب وتوعيتها، ورسالته لا تقتصر على تقييم الأدب، بل تذهب إلى مواكبة اللحظات المهمة في تاريخ المجتمعات الإنسانية»، لافتاً إلى الوشائج بين الأدب الأذربيجاني والعربي، مثل دور الأديب خطيب تبريزي كأفضل شارح لأبي تمام والأدب العربي القديم. وقال رئيس الملتقى د. أحمد درويش إن غياب الحوار يقع على كاهل المبدعين من مفكرين وأدباء ونقاد، وأن اللحظة العربية الراهنة تقتضي أن يقوموا بواجبهم، ويؤسسوا في دائرتهم الضيقة مفاهيم راسخة للحوار مع النص، لافتاً إلى زخم ملتقى هذا العام، بمشاركة 70 باحثاً وناقداً متخصصاً من الدول العربية. وذكر د. حاتم ربيع، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، أن الهدف من الملتقى تقديم رؤى مختلفة محورها الحوار في النص وأساسها الكلمة، وطالب بأن يكون شعار الملتقى «إعلاء قيمة الكلمة من خلال الفنون الأدبية المختلفة» من شعر وقصة ومسرح، لافتاً إلى أن الكلمة أمانة ومسؤولية على عاتق كل مبدع وناقد لأي عمل أدبي، كما قال عنها الأديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي: «الكلمة نور وبعض الكلمات قبور». كذلك دعا إلى أن يقدم مثقفو مصر، والعالم العربي عموماً، رؤية نقدية يكون لها الأثر الناجع في النهوض بالثقافة في مصر.زهور وأساطير
من جهة أخرى، تضمّن الملتقى جلسات نقاشية وأوراق بحث تميزت بتطبيقاتها النقدية على نماذج من الشعر والرواية العربية المعاصرة، من بينها ورقة الباحث أحمد بلبولة «تحولات النسق الثقافي في قصيدة الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي»، و{الحوارات في بعض النصوص الأدبية المعاصرة» للباحث عبد السلام الشاذلي، و{الرواية التاريخية- تحلل النوع الأدبي وإشكالية الهوية» للباحث عادل ضرغام. ألقى الباحث حافظ المغربي الضوء على الجانب الإبداعي المجهول لدى الناقد الراحل عبد القادر القط، مشيراً في بحثه إلى التناص الأسطوري في قصيدة «مَثال» من ديوان «القط» الوحيد «ذكريات شباب» بوصفها نموذجاً للحوار مع نصه الشعري، وتناصها مع أسطورة «بيغماليون» تناصاً عكسياً، أدّى فيه الرمز دوراً محورياً في بناء الدلالة، والمزج بين تقنية الحوار الدرامي وبين السرد الروائي. في هذا السياق، تناولت الباحثة صليحة سبقاق «التكثيف الدلالي وشعري للأصوات في قصيدة زهور للشاعر أمل دنقل»، راصدةً لغة الشعر في القصيدة من خلال نسيجها البنيوي، والحوار الهادئ بين الصوت الشعري والزهور، فضلاً عن توهّج النص بدلالات باطنية تسري في وجدان المتلقي، ومن خلال الوقع الفني والجمالي الذي تحدثه المزاوجة بين التكثيف والشعرية، والقصيدة رغم قصرها تمنح القارئ مجالاً للتأويل وفق خبراته الذاتية. من جهة أخرى، ألقت الباحثة حنان الشعار الضوء على نماذج من السرد القصصي اللبناني، واختارت المجموعة القصصية «زهرة المانغو» للبروفيسور أنطوان أبو زيد بكلية التربية بالجامعة اللبنانية، الصادرة عام 2014، حيث استخدم الكاتب العبارات اللبنانية المتداولة، وأحياناً كتب بالفرنسية، وطغى الحوار على أكثر من قصة، وتراوح بين الشعر والسرد الخالص.الدورة الأولى
عُقدت الدورة الأولى لملتقى القاهرة للنقد الأدبي عام 2010، بعنوان «النقد الأدبي والواقع الثقافي»، وفي ديسمبر من العام الماضي أطلقت لجنة الدراسات الأدبية في المجلس الأعلى للثقافة المصري دعوة للمتخصصين والمهتمين بهذا الشأن في العالم العربي، وتلقت أكثر من 200 بحث ودراسة متخصصة، واستقرت على أن يكون محور الدورة الثانية «الحوار مع النص»، وأن يتفاعل هذا الحوار مع النصوص الأدبية والدرامية والإعلامية، ويستعيد الناقد العربي دوره في تفعيل المشهد الثقافي.