طوت محكمة التمييز الجزائية، أمس، برئاسة المستشار عبدالله جاسم العبدالله ملف قضية قروب الفنطاس والمتهم على ذمتها 13 متهما، من بينهم اربعة متهمين من أبناء الاسرة، وثلاثة محامين ومغردون، حيث قررت سقوط الطعن المقام من كل من الشيخ عذبي الفهد وخليفة علي الخليفة وأحمد الداوود الصباح والمحاميان فلاح الحجرف وعبدالمحسن العتيقي، لعدم حضورهم أمام المحكمة، ولوجودهم خارج البلاد، وهو ما يعني عمليا تأييد الحكم الصادر بحقهم من محكمة الاستئناف بالسجن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، بعد ادانتهم بجريمة اذاعة اخبار كاذبة لمسؤوليتهم عن الفيديو المنسوب للمستشار يوسف المطاوعة.

فيما قررت المحكمة عدم جواز نظر الطعن المقام من سعود العصفور، لأن العقوبة المحكوم بها هي عقوبة جنحة وليست جناية، ولا يجوز الطعن فيها امام محكمة التمييز، كما ان التعديل الصادر من مجلس الامة الأخير لم يتضمن تطبيق قواعده بأثر رجعي.

Ad

ورفضت كذلك الطعن المقام من النيابة العامة بطلب معاقبة المتهمين الستة بالقضية الذين برأتهم محكمة الجنايات اول درجة ومحكمة الاستئناف، وأيدت براءتهم من الاتهامات المنسوبة اليهم في القضية وهم يوسف العيسى وفواز الصباح واحمد سيار العنزي ومحمد الجاسم وجراح الظفيري ومشاري بويابس.

وأكدت، في حيثيات حكمها، أن المادة 12 من قانون حالات الطعن امام محكمة التمييز تدل على ان سقوط الطعن جزاء وجوبي يقضي به على الطاعن الهارب من تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه اذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة التي حددت لنظر الطعن، وان الطاعنين عذبي الفهد وخليفة علي الخليفة واحمد الداوود الصباح وفلاح الحجرف وعبدالمحسن العتيقي المحكوم عليهم بعقوبة مقيدة للحرية لم يتقدموا للتنفيذ حتى يوم الجلسة التي نظر فيها الطعن، ومن ثم يتعين للقضاء بسقوط الطعن المقدم منهم.

وعن الطعن المقام من النيابة العامة بمعاقبة المتهمين عن واقعة الاساءة للأمير داخل قروب الواتساب المسمى بالفنطاس قالت المحكمة إن الحكم المطعون الصادر من محكمة الاستئناف قضى بتأييد الحكم الابتدائي، فيما قضى به من براءة المطعون ضدهم من تهمة الطعن علنا في حقوق سمو الامير وسلطته والعيب في ذاته والتطاول على مسند الامارة عن طريق الكتابة بأحد برامج التواصل الاجتماعي (الواتساب) على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) في قوله: «...وحيث انه عن تهمة الطعن علنا في حقوق الامير وسلطاته، والتي قضى الحكم المستأنف ببراءة المتهمين من الاول حتى السابع من ارتكابها، واستأنفت النيابة العامة هذا القضاء للثبوت، فلما كان الحكم قد أسس قضاءه في هذا الشأن على ان الركن المادي لتلك الجريمة وهو افعال الطعن في حقوق الامير وسلطاته، قد تمت على شبكة الانترنت من خلال برنامج (واتساب)، الذي تنتفي عنه صفة العلانية، لان المحادثات التي تجري عليه تقتصر على اعضاء المجموعات او على طرفي المحادثات الثنائية دون سواهم، بما يضفي على تلك المحادثات صفة الخصوصية، وتفقد الجريمة بذلك احد اركانها»، وأضاف الحكم المستأنف -دعما لقضائه بالبراءة- انه ينتفي عن المتهمين ايضا القصد الجنائي بانتفاء توجه ارادتهم الى اذاعة تلك المحادثات على الغير.

وقالت المحكمة: «وحيث ان ما خلص اليه الحكم المستأنف في هذا الخصوص صحيح في القانون، ذلك انه من المقرر وعلى ما استقرت عليه احكام القضاء ان العلانية كركن من الجرائم التي يشكل عنصرا من عناصرها المتطلبة قانونا ومنها جريمة الطعن علنا في حقوق الامير وسلطاته لا يتحقق الا بتوافر عنصرين، اولهما ان يتم توزيع الكتابة او النشر المتضمن عبارات الطعن على عدد من الناس بغير تمييز، وثانيهما انتواء الجاني اذاعة ما هو مكتوب او منشور، ولا يتطلب القانون ان يكون التوزيع او النشر بالغا حدا معينا، بل يكفي ان يكون المكتوب قد وصل عددا من الناس ولو كان قليلا، مادام ذلك لم يكن الا بفعل المتهم او كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور انه كان يجهلها».

سلطات الأمير

وأكدت: «لما كان ذلك، وكانت خدمة (الواتساب) المتاحة عبر شبكة الانترنت والتي كانت مجالا للمحادثات موضوع الاتهام والتي اثارت شبهة جريمة الطعن علنا في حقوق وسلطات الامير تتسم طبيعتها بطابع خاص، بحسبان انها تكون دوما منحصرة بين طرفين او اكثر معلومين لبعضهم، ولا يتسنى للغير الاطلاع على ما يجري بين اطراف المحادثات من رسائل نصية او مسموعة او مصورة تكون قد تبودلت بينهم الا بطريق غير مشروع، وهو ما يجعل هذه الرسائل في حكم المراسلات الخاصة التي تتمتع بحماية القانون، وهي حماية تعني عدم قدرة الاخرين على الاطلاع عليها او كشف مضمونها الا في الأحوال التي ينص عليها القانون، فيترتب على ذلك لزوماً ان ينتفي عنصر العلانية عن المحادثات الثنائية او الجماعية التي تتم على خدمة (الوتساب)، بما تفقد معه جريمة الطعن علناً في حقوق الأمير وسلطاته مقوماً أساسيا من مقومات وجودها».

وشددت المحكمة على أن «المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة الطعن علناً في حقوق الأمير وسلطاته، مثله مثل جرائم القذف والسب العلنيين، هو من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان ما اثبتته واقعات الدعوى وما جاء بالحكم المستأنف لا يفيد حتماً وبطريق اللزوم ان المتهمين قد انتووا نشر وإذاعة العبارات التي تداولوها في حواراتهم على برنامج (الواتساب) والتي انطوت على طعن في حقوق الأمير وسلطاته على نحو يجعلها مطروحة على جميع الناس بلا تمييز، بل الثابت ان تلك العبارات لم تخرج عن حيز المحادثات، سواء الثنائية او الجماعية التي جرى تداولها بين المتهمين بذواتهم وهم على معرفة ببعضهم البعض ولا يتسنى لغيرهم الدخول الى موقع تلك المحادثات الجماعية والاطلاع على الحوارات التي يتبادلها أطرافها، وهو ما يرشح لانتفاء القصد الجنائي بحق المتهمين المذكورين في شأن تلك الجريمة بتوجه إرادتهم الى اذاعة تلك المحادثات على الغير، ويجعل هذا القصد -في قدره المتيقن- محل شك لا يسع المحكمة ازاءه الاطمئنان لوجوده، وتقضي- من ثم- ببراءتهم من تهمة الطعن علنا في حقوق الأمير وسلطاته، مسايرة في ذلك قضاء الحكم المستأنف، ويضحى استئناف النيابة العامة في شأن تلك الجريمة جديراً بالرفض...».

وقالت المحكمة، إن المادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، نصّت على تأثيم الأفعال، التي تنطوي على الطعن في حقوق سمو الأمير وسلطاته والعيب في ذاته، والتطاول على مسند الإمارة، شريطة أن تقع علانية، فلا تقع الجريمة حتى يعلن الرأي، والعلة من شرط العلانية في ذلك ظاهرة أن لكل فرد حرية الرأي والتعبير، ولا عقاب على التفكير وتكوين الرأي، وإنما العقاب على إعلان الرأي المخالف للقانون والجهر به بأي طريقة من طرق العلانية، إما في مكان عام أو في مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام، وهو ما تتوافر به العلانية بحسبان طبيعة المكان، وإما أن يأتيه علنا، وذلك بإحدى وسائل التعبير عن الفكر كائنة ما كانت متى كانت تحقق العلانية، وذلك بقيام الجاني بتوزيع أو إذاعة أو إيصال أو عرض فكره أو رأيه المخالف للقانون على عدد من الناس دون تمييز، ويتوافر القصد الجنائي متى كانت الأقوال أو الكتابة أو الرسوم أو غيرها من وسائل التعبير عن الفكر، التي استعملها الجاني وقام بإذاعتها أو تويعها أو إيصالها أو عرضها على عدد من الناس بدون تمييز تتضمن الطعن في حقوق سمو الأمير وسلطاته أو العيب في ذاته أو التطاول على مسند الإمارة فيكون علمه حينئذ مفترضاً ويوفر القصد الجنائي، ولا يتطلب القانون في تلك الجريمة قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام، أما إذا لم تتجه إرادة الجاني إلى إذاعتها أو توزيعها على الناس دون تمييز فلا يقوم القصد الجنائي لديه، وإن تقدير قيام هذا القصد أو عدم قيامه من ظروف الدعوى بعد مسألة متعلقة بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب مادام استدلالها سليماً.

خصوصية

ولما كان ذلك، ذكرت المحكمة وفق البيّن من الأوراق، أن حوارات المطعون ضدهم من على مواقع التواصل الاجتماعي (الواتساب) كانت فيما بينهم، وكان هذا الموقع يتمتع بخصوصية بين أفراده المتحاورين فليس متاحاً للغير الدخول إليه أو الاطلاع على ما يدور بين أطرافه، ولم يثبت اطلاع الغير على الحوارات مثار الاتهام عند إجرائها، وأن أياً من المطعون ضدهم لا يعتبر من الغير بالنسبة للآخر، والمقصود بالغير من كان أجنبياً عن الحوار وليس طرفاً فيه كحالة الطاعنين في غرفة محادثة- خاصة مغلقة عليهم وحدهم، ومن ثم تنتفي عن هذه الحوارات صفة العلانية، التي قيل إنها تتضمن طعناً في حقوق سمو الأمير وسلطته، الأمر الذي ينتفي معه ركن العلانية قوام هذه الجريمة، فضلاً عن أن الأوراق قد خلت مما يدل على اتجاه إرادة المطعون ضدهم إذاعة حواراتهم تلك وتوزيعها على الغير دون تمييز، إذ جاءت الأوراق خالية مما يثبت إذاعتها أو توزيعها أو إيصالها إلى الغير، الأمر الذي ينتفي معه القصد الجنائي في حق المطعون ضدهم، وذلك بعد أن انتفى عنهم ركن العلانية في جريمة الطعن في حقوق سمو الأمير وسلطته للأسباب التي ساقها الحكم المطعون.

تعديل القانون لا يطبق بأثر رجعي

قررت محكمة التمييز عدم قبول الطعن المقام من الاعلامي سعود العصفور المحبوس على ذمة حكم محكمة الاستئناف بالسجن عاماً مع الشغل والنفاذ، لأن الطعن مقام بسبب صدور حكم بجنحة، ومحكمة التمييز لا تنظر الا في الجنح المرتبطة بالجنايات.

وقالت المحكمة إنه لا يغير من ذلك صدور القانون رقم 17 لسنة 2017 بتعديل بعض احكام القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن في التمييز واجراءاته، والذي تم بالعمل به منذ تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 7/5/2017 مجيزا في الفقرة الاولى من المادة الثامنة منه ايضا الطعن بالتمييز في الاحكام الجزائية الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنح.

وأوضحت أن النصوص القانونية المنظمة لطرق الطعن لا تسري بالنسبة لما صدر من الاحكام قبل تاريخ العمل بها، وانما تنظمها النصوص القانونية القائمة وقت صدور الحكم محل الطعن لأن الاصل في القانون ان الحكم او القرار او الامر يخضع من حيث جواز الطعن فيه وعدمه الى القانون الساري وقت صدوره، وذلك اخذاً بعموم قاعدة عدم سريان احكام القوانين الا على ما يقع من تاريخ نفاذها، الا اذا تضمنت نصا صريحا على سريان احكامها على ما وقع قبل تاريخ نفاذها.

وبينت أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 19/1/2017 اي قبل العمل باحكام القانون رقم 17 لسنة 2017 الذي خلا من نص صريح على سريان احكامه على ما وقع قبل تاريخ نفاذه، لذا يظل الحكم المطعون فيه من حيث جواز الطعن فيه وعدمه خاضعا لاحكام القانون 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن في التمييز وإجراءاته قبل تعديله، مضيفة أنه لا محل لإعمال قاعدة القانون الاصلح للمتهم المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الجزاء، لتعلق ذلك بالقواعد الموضوعية لا الاجرائية، وعلى ذلك فإن الطعن على الجنح المشار اليها سواء من الطاعن السادس او النيابة العامة يكون غير جائز، وهو ما يتعين القضاء به.