تعطلت العديد من الأنظمة المعلوماتية في آسيا نتيجة القرصنة المعلوماتية واسعة النطاق، التي بدأت الجمعة، وطالت مئات الآلاف من أجهزة الحاسوب، في حين تجنّبت الحكومات والشركات الأوروبية أمس، المزيد من الخسائر.

وأفادت حكومات وشركات آسيوية بحدوث بعض الأعطال بسبب الفيروس «وانا كراي»، وهو من برمجيات الفدية الخبيثة أمس، في حين حذر خبراء في مجال أمن الإنترنت من تأثير أكبر مع فتح مزيد من الموظفين أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم وفحص بريدهم الإلكتروني.

Ad

الصين

وفي الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أُبلغت أنظمة المدفوعات والخدمات الحكومية ببعض الأعطال بسبب الهجوم الإلكتروني، لكن بشكل أقل مما كان متوقعاً. وكانت الأعطال منخفضة في بقية آسيا بما في ذلك اليابان والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا.

وفي الصين، أصيبت مئات الآلاف من أجهزة الحاسوب في نحو 30 ألف مؤسسة وشركة في الصين، بينها مؤسسات حكومية، في مقدمها شركة النفط «بترو تشاينا».

وأفاد قسم الأمن المعلوماتي في شركة «كيهو 360»، بأن البرنامج الخبيث انتشر بسرعة عبر مؤسسات التعليم العالي، وأصاب أكثر من 4000 جامعة ومؤسسة بحثية.

وبينما نقلت وسائل الإعلام الحكومية الصينية عن إدارة الإنترنت الصينية أمس، أن الهجوم يواصل انتشاره في البلد لكنه تباطأ، قالت شركة «بترو-تشاينا» الحكومية، إنها اضطرت إلى فصل الشبكات، التي تصل محطات الوقود عبر البلاد لاثنتي عشرة ساعة السبت، وقبلت فقط الدفع نقداً بعد تعطل الدفع عبر الإنترنت. لكن الشبكة عادت إلى العمل بنسبة 80 في المئة أمس الأول.

اليابان

ووفق وسائل الإعلام اليابانية، فإن ألفي جهاز حاسوب في 600 شركة ومؤسسة في البلاد أصيبت في الهجوم المعلوماتي، نقلاً عن مركز فريق تنسيق الرد الحاسوبي الطارئ الياباني.

من جهتها، قالت الشرطة اليابانية، إنه حدث اختراقان لأجهزة الكمبيوتر في البلاد، أحدهما في مستشفى والآخر في جهاز شخصي، لكن لم تكن هناك خسارة في الأموال.

وصرحت شركة هيتاشي، بأن الهجوم الإلكتروني أثر على أنظمتها بعض الوقت مطلع الأسبوع، بحيث عجزت عن استقبال وإرسال البريد الإلكتروني أو فتح الملحقات في بعض الحالات، لافتة إلى أن هذه المشكلة ما زالت مستمرة.

وفي الهند، قالت الحكومة إنها تلقت القليل من التقارير عن هجمات إلكترونية، وحثت من يصيبهم الفيروس على عدم دفع أي فدية للمتسللين.

الأسهم ترتفع

والمثير أن أخبار الهجوم الإلكتروني، لم تؤثر على أسواق المال في آسيا، وارتفعت الأسهم في أنحاء المنطقة أمس.

وقال متحدث باسم بورصة هونغ كونغ إحدى أكبر بورصات المنطقة، إن جميع الأنظمة تعمل بشكل طبيعي، لكنه أضاف: «ما زلنا نتوخى درجة عالية من اليقظة».

ولم تسلم المستشفيات من الهجوم، حيث ضرب أكبر مستشفيات علاج السرطان في إندونيسيا، مما أدى إلى تجمع ما بين 100 و200 شخص في غرف الانتظار بالمستشفى.

وبحلول منتصف النهار كان بعض الناس ما زالوا يملؤون القوائم يدوياً بسبب تعطل أجهزة الكمبيوتر.

وحذرت الشركات في أجزاء أخرى بالمنطقة مستخدميها والعاملين فيها من فتح الملحقات ومنعت مدرسة في كوريا الجنوبية الطلبة من استخدام الإنترنت.

ويبدو أن الحكومة في تايوان أفلتت من الهجوم الإلكتروني، لأن القواعد في البلاد تلزم جميع الإدارات بتثبيت تحديثات البرمجيات فور توفرها.

في السياق، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، ألا علاقة لروسيا بالهجوم، وذلك على هامش قمة «طريق الحرير» في بكين. ولم تصب الشركات والمؤسسات الروسية بأي ضرر جراء هذا الهجوم، لكن بوتين وصفه بأنه «مقلق» ودعا إلى مباحثات فورية «على مستوى سياسي مهم».

وقال الرئيس الروسي: «ليس في الأمر ما يبشر بالخير وهو مدعاة للقلق»، داعياً إلى اعتماد نظام حماية.

الشركات الأوروبية

من جانبه، قال المتحدث باسم «يوروبول» في لاهاي يان اوب جن اورث إنه «يبدو أن عدد الضحايا لم يرتفع والوضع يبدو حتى الآن مستقراً في أوروبا»، بعد أن أبدت «يوروبول» خشية من تفاقم المشكلة مع عودة الموظفين إلى عملهم وتشغيل حواسيبهم.

وتابع اوب جن اورث أمس، أنه «لا يزال من المبكر معرفة من يقف وراء الهجوم، لكننا نعمل على أداة لفك الشيفرة».

من جانبها، أعلنت شركة «رينو» الفرنسية للسيارات أمس، أنها ستغلق مصنعها في دواي، الذي يوظف 5500 شخص، وهو الأكبر في فرنسا مع تحديث الأنظمة. وأوقفت الشركة كذلك مصنعين في سلوفينا ورومانيا.

وأصيبت عشرات المستشفيات في بريطانيا واضطر عدد كبير منها إلى إلغاء مواعيد المرضى أمس، لأن الأطباء عاجزون عن فتح الملفات الطبية.

اتهام لأميركا

في شأن متصل، قال رئيس «مايكروسوفت» براد سميث في مدونته أمس الأول، إن هيئة الأمن القومي الأميركية هي التي طورت الشيفرة المستخدمة في الهجوم.

وحذر الحكومات من ترميم مثل هذه الثغرات الأمنية، وبدلاً من ذلك إبلاغ شركات المعلوماتية عنها وتجنّب بيعها أو تخزينها أو استخدامها لئلا تقع في أيدي من يستخدمونها لأغراض خبيثة.

وقال إن هذا يشبه «سيناريو سرقة بعض صواريخ توماهوك. على الحكومات أن تتعامل مع هذا الهجوم بصفته تنبيهاً لما يمكن أن يحدث».