الإعلام العربي... ومصاصو الدماء

نشر في 16-05-2017
آخر تحديث 16-05-2017 | 00:10
بعد أن خبا تأثير الأفلام الأجنبية في نشر مشاهد الرعب وزال مفعولها أسندت إلى الإعلام العربي تلك الأدوار لإدخال الفزع في قلوب أفراد المجتمع، فأبدع وحاز المركز الأول بلا منازع، ويستحق الفوز بأكثر من أوسكار.
 يوسف عبدالله العنيزي تعتبر مدينة هوليوود في الولايات المتحدة الأميركية عاصمة السينما العالمية بلا منازع، وتقود صناعة السينما والصرعات الجديدة، ففي فترة الستينيات من القرن الماضي انتشرت، وعلى مستوى العالم، الأفلام التي تتحدث وتصور أحداث الحرب العالمية الثانية، وكان الهدف الأساسي من تلك الأفلام تسجيل التضحيات التي قدمتها أميركا وإبراز دور الجندي الأميركي الذي حرر العالم من عبودية ألمانيا النازية، وسيطرة إيطاليا الفاشية وغطرسة اليابان الإمبراطورية.

ثم ما كادت تلك الأفلام تخبو بعد أن أدت دورها المطلوب حتى انتشرت صرعة أخرى جديدة، تمثلت بأفلام ومسلسلات الكاوبوي، مثل المسلسل الشهير "بونانزا"، والتي كانت تهدف إلى إبراز دور الرجل الأبيض في بناء أميركا الحضارة والرخاء، وبرزت أفلام الرجل الأميركى الخارق كسوبرمان وسبيدرمان ورامبو، وغيرها ثم تحولت إلى صرعة جديدة انتشرت فيها موجة أفلام الرعب، وبرز مخرج الرعب "هتشكوك" وأفلام مثل زامبيزي ودراكولا.

وبعد أن خبا تأثير تلك الأفلام وزال مفعولها أسندت إلى الإعلام العربي أدوار الرعب وإدخال الفزع في قلوب أفراد المجتمع، فأبدع وحاز المركز الأول بلا منازع، ويستحق الفوز بأكثر من أوسكار، ففي الوقت الذي يستدعي منك مشاهدة الأفلام السينمائية بكل اتجاهاتها الذهاب إلى دور العرض وصالات السينما فإن الإعلام العربي لا يحتاج إلى ذلك، فهو لا يدخل البيوت من أبوابها فقط، بل يدخل حتى مع الهواء الذي نتنفسه وعلى مدار الساعة، وبدون تحديد أعمار المشاهدين.

فما يكاد المواطن العربي يفتح عينيه حتى تنهال عليه لقطات الرعب من جثث أطفال تسحب من تحت الأنقاض أو تجمع من سواحل البحار بعد أن ماتت غرقا في أعماق الأمواج، وبعد أن نجحت في الهرب من الموت بالصاروخ أو الرشاش أو البراميل المتفجرة، ثم منازل تهدم وقرى تزال من الوجود ومدن تتحول إلى مدن أشباح.

مئات الآلاف من المشردين واللاجئين والقتلى والجرحى، ولم يعد الإعلام العربي يفرق بين الأصفار إن كانت على يمين الرقم أو شماله، ويغوص المواطن العربي في وسط أمواج عاتية من الأكاذيب وفقدان المصداقية وغرس الأحقاد والكراهية، والدعوة ما زالت لرفض الآخر مهما كان، فإما أن تكون معي أو أسعى إلى إزالتك، وأخطر ذلك الغرس ذلك الذي يتم في نفوس الأطفال وأرواحهم.

كم نحن بعيدون عن تعاليم الأديان السماوية، فليس هناك شك في أن "التوراة والإنجيل والقرآن"، قد صدرت من مشكاة واحدة، فإن كانت هذه الأديان في مجملها تدعو للسلام والمحبة فما بالك بالدين الواحد؟!

لكم نتمنى أن تحمل أجهزة الإعلام العربي دعوات للتسامح والمحبة والمحافظة على المواطن العربي مهما كان انتماؤه، ولكم نتمنى من القائمين على الإعلام العربي وقادته أن يكونوا دعاة سلام ومحبة لا دعاة أحقاد وحروب.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top