كشفت صحيفة "ذا غارديان"، أمس، عن قيام طهران بتغيير مسار أحد أهم ممراتها الأرضية في سورية، خوفاً من الوجود العسكري الأميركي المتنامي شمال شرق البلاد، مشيرة الى أن مدينتي الموصل وحلب كانتا الطريق لتحقيق حلمها القديم في الوصول إلى البحر المتوسط.

ونقلت الصحيفة البريطانية، عن مصادر عراقية رفيعة، قولها إن "القادة الإيرانيين يرون في تجمُّع القوات الأميركية ردعاً لطموحات طهران، التي لطالما كانت تحاول إقامة مناطق نفوذ عبر العراق وسورية، تسيطر عليها هي ووكلاؤها"، مشيرة الى أن "الحرب في سورية رسمت أبعاداً جديدة وغير متوقَّعة، ما جعل من حلم إيران بالممر مهمةً صعبةً".

Ad

وأضافت تلك المصادر أن "الأوامر بتغيير مسار هذا الممر صدرت من قائد فيلق القدس قاسم سليماني وقائد قوات الحشد الشعبي في العراق هادي العامري"، موضحة أن "الممر الجديد لإيران انتقل 140 ميلاً (225.31 كم) جنوباً لتجنُّب تجمُّعٍ للقوات الأميركية حُشِدَ لمحاربة تنظيم داعش".

وأوضحت "الغارديان" أن "طهران ستستخدم الآن مدينة الميادين التي يحتلها داعش كمركزٍ لها في شرقي سورية، مُتجنِّبةً بذلك منطقة الشمال الشرقي التي يوجد بها الأكراد، وهي المنطقة التي بحث القادة الإيرانيون في السابق جعلها طريقاً مهماً لهم".

وأشارت الى أن "قوات الحشد الشعبي اقتربت من بلدة البعاج العراقية (غربي الموصل)، التي تُمثِّل رابطاً رئيسياً في ممر إيران الجديد، كما أنَّها المنطقة المعروفة بأنّ أبو بكر البغدادي، زعيم داعش، كان متمركزاً فيها معظم السنوات الثلاث الماضية".

ونقلت "الغارديان" أيضاً عن "المصادر العراقية" القول "إنَّهم يبذلون كل ما في وسعهم لإقامة هذا الممر بأسرع ما يمكنهم. وهذا يعني الانتهاء من البعاج بأسرع ما يمكنهم، ومن ثَمّ طرد داعش من الميادين ودير الزور. إنهم يريدون القيام بذلك قبل وصول الأميركيين إلى هناك".

وتقول الصحيفة إن "البعاج أصبحت جائزةً بالغة الأهمية مع دخول الحرب ضد داعش في العراق مرحلتها الأخيرة". ويعتقد مسؤولو الاستخبارات في المنطقة، أن البغدادي كان في المنطقة معظم شهر مارس الماضي، فيما ذكرت تقارير أنه كان هناك أيضاً في فبراير، وكذلك خلال معظم معركة استعادة الموصل.

وتضيف أنه "في حال سقوط البعاج، فسيكون ذلك مدمِّراً لوجود داعش الآخذ في التقلُّص بالعراق، مما يعني أن أجزاء من محافظة الأنبار ستكون هي آخر معقلٍ للتنظيم في المنطقة".

وتضيف أنه "مع فقدان داعش السريع للأرض في العراق، يتحوَّل التركيز إلى المرحلة التالية، وربما الأخيرة من الحرب، والمتمثلة في معركة السيطرة على آخر معاقله في سورية، التي تشمل الرقة ودير الزور".

وتشير الى أنه "لم تنته بعد عملية تشكيل القوة التي ستُرسل لاستعادة السيطرة على كلتا المدينتين. في حين أعلن مسؤول أميركي الثلاثاء 9 مايو 2017، أن الرئيس دونالد ترامب وافق على تسليح المقاتلين الأكراد الذين يواجهون تنظيم داعش في سورية، وذلك رغم معارضة الحليف التركي الذي ينتقد بشدة الدعم الأميركي المقدم للأكراد".

وبحسب الصحيفة، فإن "هذا التدافع السياسي جعل ساحة المعركة في سورية أكثر تعقيداً، حتى أجبر إيران على تغيير مسار أحد أهم أهدافها طويلة الأمد، في الوقت الذي كان يبدو إحرازها للتقدُّم فيه أمراً أكيداً".

وتقول إن "ممرها القديم في سورية كان يتميز بعبوره من الحدود الإيرانية إلى مدينة جلولاء العراقية في محافظة ديالى، ثم عبر جنوبي الموصل إلى الشرقاط، وبعد ذلك شمالاً إلى تلعفر".

وتضيف: "أما الآن، فقد أدخل الاتجاه غرباً مروراً بسنجار، القوات المدعومة إيرانياً في مواجهةٍ مباشرة مع داعش، الأمر الذي يخدم هدفاً مزدوجاً يتمثَّل في القيام بدورٍ أكبر في الحرب ووضع حجر أساسٍ على طول المسار الجديد".

وتنقل عن "مسؤولين عراقيين"، لم تسمهم، القول إن "الطريق الذي اختير حديثاً يعبر من دير الزور إلى السخنة وحتى تدمر، ثم دمشق، باتجاه الحدود اللبنانية، حيث يمكن تحقيق الهدف الرئيسي لدعم حزب الله عن طريق المقايضات الديمغرافية".

وتضيف "الغارديان": "يوجد تصوُّر لممرٍّ يصل إلى اللاذقية والبحر المتوسط، الأمر الذي يمنح إيران خطَّ إمدادٍ يتجنَّب مياه الخليج العربي، التي تعجُّ بدوريات المراقبة".