عن متطلبات إدارة شؤون الدولة والمجتمع
في الدول الديمقراطية المتقدمة تتطور المجتمعات وتتقدم، ويتحسن المستوى العام للمعيشة على الرغم من المشاكل التي تواجههم، وذلك لأن هناك مشاركة سياسية فعلية في صنع السياسات واتخاذ القرارات العامة، ومن ثم تحمّل المسؤولية، وهناك أيضاً تعددية وتداول سلمي للسلطة التنفيذية، وفصل تام بين السلطات العامة.
العمل في الشأن السياسي والعام معناه تسخير الوقت والجهد من أجل خدمة عامة الناس والمجتمع، وهذه مسألة في منتهى الصعوبة والتعقيد، حيث تتداخل فيها عوامل مختلفة واعتبارات كثيرة نظراً لاختلاف المصالح وتعارضها، وتنوع سلوكيات البشر وتصرفاتهم وطبائعهم. وإدارة الشأن السياسي، أي إدارة شؤون الدولة والمجتمع، فنٌ وممارسة راقية يتطلبان مهارات عالية، وتضحية وإيثارا ونزاهة لا يجيدها الهواة الذين يوضعون فجأة، نتيجة احتكار السُلطة، في سدة قيادة العمل السياسي، فيعيث بعضهم فساداً في الشأن العام من خلال استخدام السلطة العامة في غير أغراضها وتجييرها لخدمة مصالحه الخاصة.
كما لا يجيدها أيضاً المتعالون والمتغطرسون والانتهازيون الذين يتبوءون المناصب العامة لاعتبارات غير موضوعية على الرغم من أنهم غير مؤهلين لذلك، وبعضهم يجهلون، بشكل مخجل، طبيعة المسؤولية العامة ومتطلباتها، ولا يفقهون كيفية صنع السياسات واتخاذ القرارات العامة الكفيلة بتطوير الدولة وتقدم المجتمع، أو طريقة التعامل مع عامة الناس بمختلف أطيافهم ومكوناتهم وطبقاتهم وفئاتهم الاجتماعية، بحيث يستطيعون تلبية احتياجاتهم، وتحقيق مطالبهم المستحقة. في الدول الديمقراطية المتقدمة تتطور المجتمعات وتتقدم، ويتحسن المستوى العام للمعيشة على الرغم من المشاكل التي تواجههم، وذلك لأن هناك مشاركة سياسية فعلية في صنع السياسات واتخاذ القرارات العامة، ومن ثم تحمّل المسؤولية، وهناك أيضاً تعددية وتداول سلمي للسلطة التنفيذية، وفصل تام بين السلطات العامة، فضلاً عن أن المجال العام مفتوح أمام الجميع، فلا تجريف للسياسة ولا تقييد للحريات العامة. أما من يتولى إدارة شؤون الدولة والمجتمع فهم أفضل الأفضل من الساسة المحترفين ذوي المهارات العالية الذين يمارسون أعمالهم بشفافية تامة، وبروح المسؤولية العالية والحس السياسي، وذلك من خلال أجهزة الدولة المختلفة المُمثلة للسلطات العامة التي لا يُسمح للحزب الحاكم مهما كانت قوته وسطوته بالسيطرة عليها وتوجيهها بحسب رغباته أو مصالحه الخاصة، فهي سلطات عامة يتساوى أمامها المواطنون كافة بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى. أجهزة الدولة في الدول الديمقراطية المتقدمة ملك للشعب مصدر السلطات جميعاً، وهذا معناه عدم السماح بأن تحتكرها مجموعة معينة بيدها السلطة (الحزب الحاكم)، فذلك يعتبر اغتصاباً للسلطات العامة، وتعدياً سافراً على مؤسسات الدولة وأجهزتها، وهو أمر شائع الحدوث في دول الاستبداد والتخلف والرجعية في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، لذلك تتخلف مجتمعات هذه الدول، ويعاني عامة الناس فيها أشد المعاناة من البطالة والفقر والأمراض الفتاكة وسوء التعليم، وتتدهور الخدمات العامة، ويتدنى المستوى العام للمعيشة على الرغم من أن بعض هذه الدول يعتبر دولاً غنية تمتلك ثروات طبيعية هائلة!