رغم التراجع الحاد في نفوذ رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، بعد سطوع نجم خلفه حيدر العبادي، فإنه ظل يؤدي دوراً مهماً في الحياة السياسية، تمثل في موهبته بتشجيع خصومه على التوحد ضده، وتناسي خلافاتهم، وبناء مواقف متماسكة لتطويق الخطر الذي قد يمثله الأمين العام لحزب الدعوة.مصدر رفيع في التحالف الشيعي، كشف لـ«الجريدة» أن مرحلة البرود بين أهم القادة الشيعة انتهت عملياً، ويمكن القول إن الملفات الكبيرة ستسير حتى انتخابات 2018 ، ضمن ما يشبه الاتفاق الثلاثي بين العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم.
وبعد شهور طويلة من القطيعة نجحت وساطات داخلية في جمع الحكيم والصدر في منزل الأخير بالنجف، ورغم عدم تنظيمهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً كما جرت العادة، فإن الخطوات اللاحقة كشفت عن اتفاق يضمن تبريد الخلافات واستئناف درجة عالية من التنسيق، كتلك التي كانت متاحة عام 2014 ، وانتهت بإطاحة المالكي، وتغيير خطوط مهمة بالسياسة العراقية في عهد العبادي.وتهدف مستويات التنسيق بين القادة الثلاثة لحماية ما تحقق حتى الآن، وجرى تسريع ذلك بسبب تحركات المالكي الأخيرة، ومحاولته استئناف جولاته بين المدن العراقية، بعد أن فشلت جولة أجراها في الشتاء، وواجهت مظاهرات معارضة له، واقتحاماً لتجمعات أنصاره.ويحرص العبادي على تقوية المؤسسة العسكرية، وتوسيع دور القوات الخاصة التي حظيت بشعبية هائلة خلال معارك الموصل خصوصاً، مقابل محاولة المالكي ركوب موجة الفصائل الشعبية المسلحة المقربة من طهران، والتي تضاءل دورها إلى حد كبير في الحرب ضد «داعش» منذ نحو سنة، وتراجع حضورها الإعلامي والسياسي، لكنها تبقى تشكل تهديداً كبيراً نظراً لنوع التسليح والتدريب والانتشار والدعم الإيراني، ووجودها في الحرب السورية إلى جانب نظام بشار الأسد، ولا تخفي طموحها السياسي قبل الانتخابات.ولا يمكن للعبادي أن يواجه المالكي والفصائل المسلحة وحيداً، وسيظل بحاجة إلى دور آلاف المسلحين الموالين للعوائل الدينية التاريخية في العراق، وهم القيادات المقربة من المرجع الأعلى علي السيستاني.وسبق للصدر والحكيم أن أنهيا البرود مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وتحركت وفود عديدة نحو الإقليم لرسم مسار تنسيق مستأنف يواجه محاولة المالكي الاقتراب من مدينة السليمانية الخصم التقليدي لزعامة بارزاني في أربيل.وبادر بارزاني إلى تنشيط مكتب حزبه في بغداد بعد خمول دام عامين، وعين رئيساً جديداً له معروف بأنه متصالح مع الثقافة العربية.ولن يكون سهلاً تطويق الخلافات بين هذه الأطراف بشكل كامل مع اقتراب تحرير الموصل وظهور مشاكل جديدة للتقسيم الإداري والأمني في المناطق المختلطة عرقياً ودينياً، لكن بدء التسخين الانتخابي سيعني تشجيع المالكي على استغلال الخلافات بين خصومه ومبادرته لتشكيل جبهة تتضمن أطرافاً سنية أيضاً وتهدد القيادات التقليدية داخل مختلف الأحزاب، وهو ما يدفع خصوم رئيس الحكومة السابق إلى استئناف مستويات التنسيق رغم كل شيء.وتعاني المناطق المحررة من «داعش»، وهي سنية في الغالب، فوضى إدارية كبيرة تعود جذورها إلى الانقسام الشيعي نفسه، حيث يلعب حلفاء طهران على تناقضات الصراع الداخلي السني ليحاولوا «اختلاق» قيادات جديدة تطيح القادة ذوي النفوذ، في كل من نينوى والأنبار.
أخبار الأولى
«خطر المالكي» يوحّد المتخاصمين
18-05-2017